للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْماءِ أي: يحفظني أن أغرق بالماء. {قالَ} أي: نوح. {لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ} أي:

لا حافظ ولا مانع من عذاب الله في هذا اليوم. {إِلاّ مَنْ رَحِمَ} أي: لكن من رحمه الله فهو يعصمه ويحفظه، ولا يحفظ إلا المؤمنين. {وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ} أي: بين نوح وابنه، أو بين ابنه والجبل، {فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} أي: الهالكين في الماء.

تنبيه: قال العلماء بالسير: أرسل الله المطر أربعين يوما وليلة، وخرج من الأرض، فذلك قوله تعالى: {فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} يعني صار الماء نصفين، نصفا من السماء، ونصفا من الأرض، وارتفع الماء على أعلى جبل وأطوله أربعين ذراعا، وقيل: خمسة عشر ذراعا حتى أغرق كل شيء، وهذا يعني: أنه عم جميع الأرض، وأضيف؛ أنه ذكر في الأثر: أن الله تعالى لا يخلي الأرض من مطر في عام أو عامين، وأنه ما نزل من السماء ماء قط إلا بحفظ ملك موكل به إلا ما كان من ماء الطوفان، فإنه نزل منه ما لا يحفظه الملك، وذلك قوله تعالى: {إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ}.

قال عبد الوهاب النجار: ويقول بعض علماء الجيولوجيا: إننا كلما بحثنا في أعالي الجبال وجدنا بقايا حيوانية من الأحياء التي لا تعيش إلا في الماء، وهذا يشير إلى أن الطوفان عم جميع الأرض، ويستأنس لذلك بقوله تعالى: {وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ} ويميل فريق إلى أن الطوفان لم يكن عاما بل طغيان الماء لما كان على الجهة التي كان يسكنها نوح وقومه. انتهى.

بتصرف، ومال إلى ترجيح الثاني، وأرجّح الأول، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

تنبيه: قد يرد سؤال: كيف اقتضت الحكمة الإلهية إغراق من لم يبلغوا الحلم من الأطفال، ولم يدخلوا تحت التكليف بذنوب غيرهم، وكذلك إغراق البهائم والهوام والطير وغير ذلك من الحيوان، وإهلاك أطفال الأمم الكافرة مع آبائهم غير قوم نوح؟ والجواب الشافي عن هذا كله:

أن الله سبحانه وتعالى متصرف بخلقه، وهو المالك المطلق يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. انتهى. خازن بتصرف كبير.

الإعراب: {قالَ}: ماض، والفاعل مستتر تقديره: «هو». {سَآوِي}: السين: حرف استقبال. (آوي): مضارع مرفوع، والفاعل تقديره: «أنا». {إِلى جَبَلٍ}: متعلقان به.

{يَعْصِمُنِي}: مضارع، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، والفاعل يعود إلى {جَبَلٍ،} والجملة الفعلية في محل جر صفة له. {مِنَ الْماءِ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة:

{سَآوِي..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.

{قالَ}: ماض وفاعله يعود إلى نوح. {لا}: نافية للجنس تعمل عمل (إن). {عاصِمَ}: اسم {لا} مبني على الفتح في محل نصب. {الْيَوْمَ}: ظرف زمان متعلق بالمصدر بعده. {مِنْ أَمْرِ}:

متعلقان بمحذوف خبر {لا،} و {أَمْرِ}: مضاف، و {اللهِ}: مضاف إليه من إضافة المصدر

<<  <  ج: ص:  >  >>