للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{بُعْداً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ} أي: هلاكا لهم، يقال: بعد بكسر العين بعدا بضم فسكون، وبعدا بفتحتين: إذ بعد بعدا بعيدا بحيث لا يرجى عوده، ثم استعير للهلاك وخص بدعاء السوء. انتهى.

بيضاوي.

وقال القرطبي: والبعد: الهلاك، والبعد: التباعد من الخير، يقال: بعد يبعد بعدا: إذا تأخر وتباعد، وبعد يبعد بعدا: إذا هلك، قالت خرنق أخت طرفة بن العبد البكري لأمه: [السريع]

لا يبعدن قومي الذين همو... سمّ العداة وآفة الجزر

وقال النابغة: [الطويل]

فلا تبعدن إنّ المنيّة منهل... وكلّ امرئ يوما به الحال زائل

وخذ قول فاطمة بنت الأخرم الخزاعية تبكي إخوتها: [المديد]

إخوتي لا تبعدوا أبدا... وبلى والله قد بعدوا

كلّ ما حيّ وإن أمروا... واردو الحوض الذي وردوا

تنبيه: قال بعضهم: هذه الآية أبلغ آية في القرآن، وقد احتوت من أنواع البديع على أحد وعشرين نوعا، فيها تسع عشرة كلمة، وخوطبت الأرض أولا بالبلع؛ لأن الماء نبع منها أولا قبل أن تمطر السماء. انتهى. جمل. وقال البيضاوي: هذه الآية في غاية الفصاحة لفخامة لفظها، وحسن نظمها، والدلالة على كنه الحال، مع الإيجاز الخالي من الإخلال، وإيراد الأخبار على البناء للمفعول للدلالة على تعظيم الفاعل، وأنه متعين في نفسه مستغنى عن ذكره؛ إذ لا يذهب الوهم إلى غيره، للعلم بأن مثل هذه الأفعال، لا يقدر عليها سوى الواحد القهار. انتهى.

أقول: يروى: أن عبد الله بن المقفع رام معارضة القرآن، وكتب في ذلك وريقات فمر بسوق البصرة بقارئ يقرأ القرآن، وسمع منه هذه الآية، فقال: أشهد أن هذا لا يعارض، ولا يقدر على مثله البشر، وعاد إلى بيته، وأتلف ما كتبه.

فائدة: أكرم الله ثلاثة جبال بثلاثة نفر: الجودي بنوح، وطور سيناء بموسى، وحراء بمحمد صلّى الله عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا.

بعد هذا انظر إعلال (ماء) في الآية رقم [٧]، وإعلال (سماء) في الآية رقم [٣١] يونس، وشرح {وَقُضِيَ} في الآية [٤٤] الأنفال، وشرح القوم في الآية [٢٨] و (البغي) في الآية [٢٣] يونس، وإعلال {وَقِيلَ} في الآية [٣٨] سورة (التوبة).

الإعراب: {وَقِيلَ}: (قيل): ماض مبني للمجهول. (يا): حرف نداء ينوب مناب أدعو.

(أرض): منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب ب‍ (يا). {اِبْلَعِي}: أمر مبني

<<  <  ج: ص:  >  >>