للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النجار وغيره) وكانت قرى لوط بنواحي الشام، قال النجار: اسمها سادوم، وعامورة، وكانتا في مكان البحر الميت المعروف اليوم ببحر لوط، ويقال: إنه ظهرت بشاطئه بعض آثارها، وكان إبراهيم عليه السّلام ببلاد فلسطين، فلما أنزل الله الملائكة بعذاب قوم لوط مروا بإبراهيم، ونزلوا عنده، وكان يحسن قرى من ينزل عنده، وقد مروا به ليبشروه بالولد، أو بإهلاك قوم لوط، فظنهم أضيافا، وهم جبريل، وميكائيل، وإسرافيل عليهم السّلام، قاله ابن عباس، وهو المعتمد على صورة الغلمان الحسان الوجوه، ذوو جمال بارع، ووضاءة فائقة.

بعد هذا ف‍ {رُسُلُنا} المراد بهم: الملائكة كما رأيت، ويجوز تسكين السين، وضمها.

{بِالْبُشْرى}: بالبشارة، وقد رأيتها. {فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ}: فما أبطأ، وما تأخر، و {حَنِيذٍ} مشوي، والمحنوذ هو المشوي على الحجارة المحماة في حفرة من الأرض، وهو من فعل أهل البادية، وكان سمينا يسيل منه الودك، وفي آية أخرى: {فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ}.

قال قتادة: كان عامة مال إبراهيم عليه السّلام البقر، أي: فلهذا ذبح عجلا لأضيافه، وقيل: مكث إبراهيم عليه السّلام خمس عشرة ليلة لم يأته ضيف، فاغتم لذلك، وكان يحب الضيف، ولا يأكل إلا معه، فلما جاءت الملائكة فرح بمقدمهم، وعجّل قراهم، فجاءهم بعجل سمين مشوي.

الإعراب: {وَلَقَدْ}: الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، التقدير: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. اللام: واقعة في جواب القسم. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {جاءَتْ}: ماض، والتاء للتأنيث، وقد نصب المفعول به هنا، ويجيء لازما، وهو كثير. {رُسُلُنا}: فاعل، و (نا): في محل جر بالإضافة. {إِبْراهِيمَ}: مفعول به وجملة: (لقد...) إلخ جواب القسم لا محل لها، والقسم وجوابه كلام مستأنف لا محل له.

{بِالْبُشْرى}: متعلقان بالفعل قبلهما، وعلقهما العكبري بمحذوف حال من: {رُسُلُنا،} وعلامة الجر كسرة مقدرة على الألف. {قالُوا}: فعل وفاعل، والألف للتفريق، {سَلاماً}: مفعول مطلق لفعل محذوف، التقدير: سلمنا، أو نسلم سلاما، وهو اسم مصدر لا مصدر كما ترى، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، هذا؛ وجوز اعتبار {سَلاماً} مفعولا به ل‍ {قالُوا؛} لأنه يتضمن معنى (كلاما كثيرا)، أو على معنى (ذكروا سلاما) وجملة: {قالُوا سَلاماً} في محل نصب حال من {رُسُلُنا،} والرابط: الضمير فقط، وهي على تقدير (قد) قبلها. {قالَ}: ماض، وفاعله يعود إلى إبراهيم عليه السّلام. {سَلامٌ}: خبر مبتدأ محذوف، التقدير: أمري، أو جوابي سلام، أو هو مبتدأ خبره محذوف، التقدير: سلام عليكم، وساغ الابتداء بالنكرة؛ لأن فيها معنى الدعاء، هذا؛ وقرأ حمزة والكسائي: «(سلم)» بكسر السين، وهو بمعنى الأول مثل الحل والحلال، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ سَلامٌ} مستأنفة؛ لأنها بمنزلة جواب لسؤال

<<  <  ج: ص:  >  >>