للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال خلف بن حازم: [الطويل]

إلى النّفر البيض الألاء كأنّهم... صفائح يوم الرّوع أخلصها الصّقل

وغير ذلك كثير، هذا؛ والروع بضم الراء: القلب، أو العقل، فعن ابن مسعود رضي الله عنه:

أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ليس من عمل يقرب من الجنّة، إلاّ وقد أمرتكم به، ولا عمل يقرّب من النّار، إلاّ وقد نهيتكم عنه، فلا يستبطئنّ أحد منكم رزقه، فإنّ جبريل ألقى في روعي أنّ أحدا منكم لن يخرج من الدّنيا حتّى يستكمل رزقه، فاتقوا الله أيّها الناس، وأجملوا في الطّلب، فإن استبطأ أحد منكم رزقه، فلا يطلبه بمعصية الله، فإنّ الله لا ينال فضله بمعصيته». رواه الحاكم. {وَجاءَتْهُ الْبُشْرى} أي: البشارة بالولد من سارة، وقال قتادة: بشروه بإهلاك قوم لوط. {يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ} أي: يجادل رسلنا، وأضاف سبحانه المجادلة، إلى نفسه؛ لأنهم نزلوا بأمره.

وهذه المجادلة رواها حميد بن هلال، عن جندب، عن حذيفة-رضي الله عنهم أجمعين-، وذلك أنهم لما قالوا: {إِنّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ،} قال لهم إبراهيم عليه السّلام: أرأيتم إن كان فيها خمسون من المسلمين أتهلكونهم؟ قالوا: لا، قال: فأربعون؟ قالوا: لا، قال:

فثلاثون؟ قالوا: لا، قال: فعشرون؟ قالوا: لا، قال: فإن كان فيها عشرة أو خمسة-شك حميد؟ -قالوا: لا، قال: فقال إبراهيم: قوم ليس فيهم عشرة من المسلمين لا خير فيهم، فقال إبراهيم عند ذلك: {إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ}. {إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوّاهٌ}: ما أجدرك أن تنظر شرح هذا في التوبة الآية [١١٥] {مُنِيبٌ}: راجع، يقال: أناب إذا رجع، وإبراهيم صلّى الله على نبينا، وعليه وسلم كان كثير الرجوع إلى الله تعالى في أموره كلها، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {فَلَمّا}: انظر الآية [٥٨] {ذَهَبَ}: ماض. {عَنْ إِبْراهِيمَ}: متعلقان به، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. {الرَّوْعُ}: فاعل، والجملة الفعلية ابتدائية لا محل لها على اعتبار (لما) حرفا، وفي محل جر بإضافة (لمّا) إليها على اعتبارها ظرفا. (جاءته): ماض، والتاء للتأنيث، والهاء مفعول به. {الْبُشْرى}: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها. {يُجادِلُنا}: مضارع، والفاعل يعود إلى إبراهيم، و (نا): مفعول به.

{فِي قَوْمِ}: متعلقان بما قبلهما، و {قَوْمِ}: مضاف، و {لُوطٍ}: مضاف إليه، وجملة:

{يُجادِلُنا..}. إلخ في محل نصب خبر ل‍ (أخذ) محذوفا، وهو من أفعال الشروع، أو هو في محل نصب حال عامله محذوف، التقدير: (أقبل يجادلنا...) إلخ وعلى هذين التقديرين فالجملة الفعلية جواب: (لمّا) لا محل لها، هذا؛ وقيل: إن الجواب هو جملة: {يُجادِلُنا..}. إلخ على تأويل المضارع بالماضي و (لما) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {إِنَّ}: حرف مشبه

<<  <  ج: ص:  >  >>