للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً} أي: ضاق صدره بمجيئهم، وقيل: ضاق وسعه وطاقته، وهو كناية عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروه، والاحتيال فيه. قال عمر بن أبي ربيعة المخزومي: [الخفيف]

من رسولي إلى الثّريّا بأنّي... ضقت ذرعا بهجرها والكتاب؟

وأصله أن يذرع البعير بيديه في سيره ذرعا على قدر سعة خطوه، فإذا حمل على أكثر من طوقه ضاق عن ذلك، وضعف ومد عنقه، فضيق الذرع عبارة عن ضيق الوسع، هذا؛ ويقال:

ضاق ذراع فلان عن هذا الأمر؛ لأن الذراع موضع قوة الإنسان وشهرته، قال هدبة بن خشرم، يخاطب به معاوية بن أبي سفيان، ويعترف فيها بأنه قتل ابن عمه زيادة: [الطويل]

إن العقل في أموالنا لا نضق بها... ذراعا، وإن صبرا، فنصبر للصّبر

وقال: هذا يوم عصيب: أي: صعب، وشديد في الشر، قال الشاعر: [الطويل]

وإنّك إلاّ ترض بكر بن وائل... يكن لك يوم بالعراق عصيب

تنبيه: روي: أن الله تعالى قال للملائكة: لا تهلكوهم حتى يشهد لوط عليهم أربع شهادات، فأتوه نصف النهار وهو يعمل في أرض له، فاستضافوه، وانطلق بهم يمشي إلى منزله، وقال لهم: أما بلغكم أمر هذه القرية، قالوا: وما أمرهم؟ قال: أشهد بالله، إنها لشر قرية في الأرض عملا، قال ذلك أربع مرات، فدخلوا معه منزله، ولم يعلم بذلك أحد، فخرجت امرأته، فأخبرت بهم قومها، وقالت: إن في بيت لوط رجالا مردا ما رأيت أحسن منهم، ولا أجمل!.

الإعراب: {وَلَمّا}: الواو: حرف استئناف. (لما): حرف وجود لوجود عند سيبويه، وبعضهم يقول: حرف وجوب لوجوب، وهي ظرف بمعنى (حين) عند ابن السراج والفارسي وابن جني وجماعة، تتطلب جملتين مرتبطتين ببعضهما ارتباط فعل الشرط بجوابه، وصوب ابن هشام الأول، والمشهور الثاني. {جاءَتْ}: ماض، والتاء للتأنيث. {رُسُلُنا}: فاعله، و (نا):

في محل جر بالإضافة. {لُوطاً}: مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية على القول بحرفية (لما) وهي في محل جر بإضافة (لما) إليها على اعتبارها ظرفا. {سِيءَ}: ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى لوط. {بِهِمْ}: متعلقان بالفعل {سِيءَ،} والجملة الفعلية جواب (لما) لا محل لها، و (لما) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له، وجملة: {وَضاقَ بِهِمْ} معطوفة على جواب (لما) لا محل لها مثله. {ذَرْعاً}: تمييز محول عن الفاعل، مثل:

(طاب محمد نفسا). {هذا يَوْمٌ}: مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول.

{عَصِيبٌ}: صفة: {يَوْمٌ،} وجملة: (قال...) إلخ معطوفة على جواب (لما) أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>