للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صنوف الأذى، وقال قتادة والحسن: المعنى في هذه الدنيا، يريد النبوة، وهو أقوى، وهو منقول عن ابن عباس، وأبي موسى الأشعري وغيرهما، هذا؛ وسور القرآن كلها حقّ وصدق، وإنما خص هذه السورة بالذكر تعظيما لها وتشريفا. {وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ}: الموعظة: ما يتعظ به من إهلاك الأمم الماضية، والقرون الخالية المكذبة، وهذا أيضا تشريف لهذه السورة؛ لأن غيرها من السور قد جاء فيها الحق والموعظة والذكرى، ولم يقل فيها كما قال في هذه على التخصيص، وخص المؤمنين بالذكر؛ لأنهم هم الذين يتعظون؛ إذا سمعوا قصص الأنبياء.

بعد هذا انظر شرح {الرُّسُلِ} في الآية رقم [٨١] و (نا) في الآية رقم [٨]. والنبأ: الخبر وزنا ومعنى، ويقال: النبأ أخص من الخبر؛ لأن النبأ لا يطلق إلا على كل ما له شأن، وخطر من الأخبار، وقال الراغب: النبأ: خبر ذو فائدة، يحصل به علم، أو غلبة ظن، ولا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة، وحقه أن يتعرى عن الكذب كالمتواتر وخبر الله تعالى، وخبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، هذا؛ وفعله يتعدى في الأصل لثلاثة مفاعيل، وقد يجيء الفعل من (نبأ) غير مضمن معنى أعلم، فلذلك يعدى لواحد بنفسه، وللآخر بحرف الجر، وهو كثير في كتاب الله تعالى.

{الْحَقُّ}: ضد الباطل، قال الراغب: أصل الحق المطابقة والموافقة، كمطابقة رجل الباب في حقّه لدورانه على الاستقامة، و {الْحَقُّ} يقال لموجد الشيء بحسب ما تقتضيه الحكمة، ولذلك قيل في الله تعالى: هو الحق، وللموجود بحسب مقتضى الحكمة، ولذلك يقال: فعل الله كله حق، نحو الموت والحساب... إلخ، وللاعتقاد في الشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه، نحو اعتقاد زيد في الجنة حقّ. وللفعل، والقول الواقعين بحسب ما يجب، وقدر ما يجب، في الوقت الذي يجب، نحو: قولك حق، وفعلك حق، ويقال: أحققت ذا، أي: أثبته حقا، أو حكمت بكونه حقا. انتهى. بغدادي.

الإعراب: {وَكُلاًّ}: الواو: حرف استئناف. (كلا): مفعول به مقدم، والتنوين عوض عن المضاف إليه، انظر الشرح. {نَقُصُّ}: مضارع، والفاعل مستتر فيه، وجوبا تقديره: «نحن».

{عَلَيْكَ}: متعلقان بالفعل قبلهما. {مِنْ أَنْباءِ}: متعلقان بمحذوف صفة (كلا)، و {أَنْباءِ}:

مضاف، و {الرُّسُلِ}: مضاف إليه. {ما}: اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب بدلا من (كلاّ)، أو هي في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، ويجوز أن تكون مفعول {نَقُصُّ،} ويكون (كلاّ) حالا من {ما} أو من الهاء على مذهب من أجاز تقديم حال المجرور عليه، أو من {أَنْباءِ} على هذا المذهب أيضا. انتهى. عكبري. والمعتمد الأول.

{نُثَبِّتُ}: مضارع، والفاعل تقديره: «نحن». {بِهِ}: متعلقان بالفعل قبلهما. {فُؤادَكَ}:

مفعول به والكاف في محل جر بالإضافة، وجملة: {نُثَبِّتُ..}. إلخ صلة {ما،} أو صفتها، والعائد أو الرابط الضمير المجرور محلاّ بالباء، وجملة: {وَكُلاًّ نَقُصُّ..}. إلخ مستأنفة لا محل

<<  <  ج: ص:  >  >>