القرآن؛ ولأنه اسم جنس يقع على الكل والبعض، واختلف: هل يمكن أن يقال: في القرآن شيء بغير العربية، فأنكر أبو عبيدة على من يقول ذلك أشد النكير، وروي عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة أن فيه من غير العربي، مثل (سجّيل، والمشكاة، واليمّ، وإستبرق) ونحو ذلك، وهذا هو الصحيح المختار؛ لأن هؤلاء أعلم من أبي عبيدة بلسان العرب، وكلا القولين صواب، إن شاء الله تعالى، وجه الجمع بينهما: أن هذه الألفاظ لما تكلمت بها العرب، ودارت على ألسنتهم بسهولة صارت عربية فصيحة، وإن كانت غير عربية في الأصل. انتهى. خازن بتصرف. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٣] وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٨٢] من سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. {لَعَلَّكُمْ}: يا أهل مكة. {تَعْقِلُونَ}: تفهمون معانيه لأنه نزل بلغتكم.
هذا؛ والعقل نور روحاني به تدرك النفس ما لا تدركه بالحواس، وسمي العقل عقلا؛ لأنه يعقل صاحبه، أي: يمنعه من فعل الرذائل، لذا فإن كل شخص لا يسير على الجادة المستقيمة، لا يكون عاقلا بالمعنى الصحيح، فقد ورد أن رجلا معتوها مر على مجلس النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال الصحابة-رضوان الله عليهم-: (هذا رجل مجنون) فقال: «هذا مصاب، إنّما المجنون من أصرّ على معصية الله». هذا؛ والعقل: الدية، سميت بذلك؛ لأن الإبل المؤداة دية تعقل بباب ولي المقتول، والعقال بكسر العين: الحبل الذي تشد به ركبة الجمل عند بروكه ليمنعه من القيام والمشي، والعقال أيضا: صدقة عام، قال شاعر يهجو عاملا على الصدقات:[البسيط]
سعى عقالا، فلم يترك لنا سبدا... فكيف لو قد سعى عمرو عقالين؟
لأصبح النّاس أوبادا، ولم يجدوا... عند التّفرّق في الهيجا جمالين
هذا؛ و (القرآن) مشتق من قريت الماء في الحوض إذا جمعته، فكأنه قد جمع فيه الحكم والمواعظ، والآداب، والقصص، والفروض، وجميع الأحكام، وكملت فيه جميع الفوائد الهادية إلى طرق الرشاد، هذا؛ وهو في اللغة مصدر بمعنى الجمع، يقال: قرأت الشيء قرآنا، أي: جمعته، وبمعنى القراءة، يقال: قرأت الكتاب قراءة وقرآنا، ثم نقل إلى هذا المجموع المقروء المنزل على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، المنقول عنه بالتواتر فيما بين الدفتين، وهو المراد هنا، هذا والترجي في هذه الآية وأمثالها، إنما هو بحسب عقول البشر؛ لأن الله لا يحصل منه ترجّ ورجاء لعباده، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
الإعراب:{إِنّا}: حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، وحذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {أَنْزَلْناهُ}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إن) والجملة الاسمية: {إِنّا..}. إلخ ابتدائية لا محل لها من الإعراب. {قُرْآناً}: حال من الضمير المنصوب، وهو حال موطئة لما بعده، وجوز اعتباره بدلا من الضمير، كما جوز اعتباره مفعولا