للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلان علم به، ويمتنع ذلك في (لدي) ذكره ابن الشجري في أماليه، ومبرمان في حواشيه، والثاني أنك تقول: عندي مال، وإن كان غائبا، ولا تقول: لديّ مال إلا إذا كان حاضرا. قاله جماعة.

هذا؛ و «الكلام» بالنسبة إلى البشر يدل على أحد ثلاثة أمور:

أولها: الحدث الذي يدل عليه لفظ التكليم، تقول: أعجبني كلامك زيدا، تريد: تكليمك إياه.

وثانيها: ما يدور في النفس من هواجس وخواطر، وكل ما يعبر عنه باللفظ، لإفادة السامع ما قام بنفس المخاطب، فيسمى هذا الذي تخيلته في نفسك كلاما في اللغة العربية، تأمل في قول الأخطل التغلبي: [الكامل]

لا يعجبنّك من خطيب خطبة... حتّى يكون مع الكلام أصيلا

إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما... جعل اللسان على الفؤاد دليلا

وثالثها: كل ما تحصل به الفائدة، سواء أكان ما حصلت به لفظا، أو خطا، أو إشارة، أو دلالة حال. انظر إلى قول العرب: (القلم أحد اللسانين) وانظر إلى تسمية المسلمين ما بين دفتي المصحف: (كلام الله) ثم انظر إلى قوله تعالى: {يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ} وقال جل شأنه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ} وإلى كلمته جلت حكمته: {قالَ آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلاّ رَمْزاً} ثم انظر إلى قول الشاعر وهو عمر بن أبي ربيعة الذي نفى الكلام اللفظي عن محبوبته، وأثبت لعينها القول، وذلك في قوله: [الطويل]

أشارت بطرف العين خيفة أهلها... إشارة محزون، ولم تتكلّم

فأيقنت أنّ الطرف قد قال: مرحبا... وأهلا وسهلا بالحبيب المتيّم

ثم انظر إلى قول نصيب بن رباح: [الطويل]

فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب

بعد هذا انظر القول في الآية رقم [١٨] من سورة (هود) عليه السّلام، وانظر شرح {كَلَّمَهُ} في الآية رقم [٢٤] من سورة (إبراهيم) عليه السّلام.

الإعراب: {وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ}: انظر الآية رقم [٥٠] {أَسْتَخْلِصْهُ}: مضارع مجزوم لوقوعه جوابا للطلب، وهو مجزوم عند الجمهور بشرط محذوف، التقدير: إن تأتوني... إلخ، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، والهاء مفعول به، والجملة مع ما قبلها في محل نصب مقول القول.

{لِنَفْسِي}: متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة، وجملة: (قال...) إلخ مستأنفة لا محل لها.

{فَلَمّا}: الفاء: حرف استئناف. (لمّا): انظر الآية رقم [٥٩] الآتية. {كَلَّمَهُ}: ماض، والهاء

<<  <  ج: ص:  >  >>