هذا؛ والتسبيح والتقديس عبارة عن تنزيه الله عز وجل عن جميع النقائض. {وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} أي: تسبح الملائكة بحمد الله تعالى من خوفه، أو من خوف الرعد هذا؛ و (خيفة) أصلها (خوفة) وقعت الواو ساكنة إثر كسرة، فقلبت ياء، فهو واوي من الخوف. {وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ}: جمع صاعقة، وهي العذاب النازل من البرق، فيحترق من تصيبه، وقيل: هي الصوت الشديد النازل من الجو، ثم يكون فيه نار، أو عذاب، أو موت، وهي في ذاتها شيء واحد. {فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ} أي: فيصيب الله بالصواعق من يشاء إصابته، أو هلاكه. {وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ}: حيث يكذبون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما يصف ربه تعالى به من كمال العلم والقدرة، والتفرد بالألوهية، وإعادة الناس يوم القيامة للحساب والجزاء، هذا؛ والجدال: التشدد في الخصومة، من الجدل وهو الفتل. {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ}: شديد الأخذ، أو شديد القوة، أو شديد الانتقام إلى غير ذلك، وهو بكسر الميم، ويقرأ بفتحها على أنه بمعنى الحول، والمحاولة بمعنى المغالبة، والمكايدة، وفي القاموس المحيط: والمحال ككتاب: الكيد، وروم الأمر بالحيل، والتدبير، والقدرة، والجدال، والعذاب، والعقاب، والعداوة، والمعاداة كالمماحلة، والقوة، والشدة، والهلاك، والإهلاك.
تنبيه: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: من سمع صوت الرعد، فقال: سبحان من يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته، وهو على كل شيء قدير، فإن أصابته صاعقة: فعليّ ديته.
وكان عبد الله بن الزبير-رضي الله عنهما-إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال: سبحان من يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته، وكان يقول: إن الوعيد لأهل الأرض شديد.
تنبيه: روي: أن عامر بن الطفيل، وأربد بن ربيعة أخا لبيد بن ربيعة العامري الصحابي، وفدا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قاصدين لقتله، وكان عامر قد تواطأ مع أربد، وقال له: إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه، واضربه بالسيف، فجعل يخاصم النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويجادله بعد أن ذهب به بعيدا عن أصحابه، فاخترط أربد من سيفه شبرا، ثم حبسه الله، فلم يقدر على سله، ويبست يده على سيفه، فتنبه له الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقال:«اللهم اكفنيهما بما شئت». فأرسل الله على أربد صاعقة في يوم صائف صاح فأحرقته، وولى عامر هاربا، وقال: يا محمد! دعوت ربك على أربد حتى قتله، والله لأملأنها عليك خيلا جردا، وفتيانا مردا، فقال عليه الصلاة والسّلام:«يمنعك الله من ذلك، وأبناء قيلة». يعني الأوس والخزرج، فنزل عامر بيت امرأة من بني سلول، وخرجت على ركبته غدة عظيمة فجأة، فقال: غدة كغدة البعير، وموت في بيت سلولية! فركب فرسه، وجعل يجول ويصول، ويقول: يا ملك الموت ادن! حتى سقط على الأرض ميتا. فذهب إلى جهنم، وبئس القرار، وقد نزلت الآية الكريمة فيهما.
الإعراب:{وَيُسَبِّحُ}: (يسبح): مضارع. {الرَّعْدُ}: فاعله. {بِحَمْدِهِ}: متعلقان بمحذوف حال من الرعد، التقدير: ملتبسا بحمده، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَالْمَلائِكَةُ}: معطوف