{لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ..}. إلخ: أي: لو ملكوا كل ذلك؛ لقدموه فداء لأنفسهم من عذاب يوم القيامة، ولكن لا يقبل منهم كما أفادته آية المائدة رقم [٣٩] وآية آل عمران رقم [٩١] مع كونهم لا يملكون فتيلا يوم القيامة، ولكن كل ذلك على سبيل الفرض والتقدير. {أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ} أي: للكافرين سوء الحساب، وهو أن يحاسب أحدهم على الفتيل، والنقير، والقطمير، كما أفاده قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«من نوقش الحساب عذّب». رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها. وهو بتمامه كما يلي: عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من نوقش الحساب عذّب». فقلت: يا رسول الله أليس يقول الله: {فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً} فقال: «إنّما ذلك العرض، وليس أحد يحاسب يوم القيامة إلاّ هلك». رواه البخاري ومسلم وأبو داود الطيالسي والترمذي. {وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ} أي: مقرهم، ومآلهم إلى جهنم، وانظر الآية رقم [٢١] من سورة (يوسف) عليه السّلام، {وَبِئْسَ الْمِهادُ} أي: المستقر، أو الفراش الذي مهدوه لأنفسهم.
الإعراب:{لِلَّذِينَ}: متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {اِسْتَجابُوا}: ماض، والواو فاعله، والألف للتفريق. {لِرَبِّهِمُ}: متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {الْحُسْنى}:
مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها، هذا؛ وقال الزمخشري:{لِلَّذِينَ} متعلقان بالفعل {يَضْرِبُ} السابق، و {الْحُسْنى} صفة مفعول مطلق محذوف، التقدير: استجابوا لربهم الاستجابة الحسنى، والأول أقوى. تأمل.
{وَالَّذِينَ}: الواو: حرف عطف، أو استئناف. (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {لَمْ}: حرف نفي وقلب وجزم. {يَسْتَجِيبُوا}: فعل مضارع مجزوم ب {لَمْ،} وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {لَهُ}:
جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {لَوْ}:
حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {لَهُمْ}: متعلقان بمحذوف خبر {أَنَّ} تقدم على اسمها.
{ما}: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم {أَنَّ} مؤخر. {فِي الْأَرْضِ}:
متعلقان بمحذوف صلة الموصول، التقدير: الذي يوجد في الأرض. {جَمِيعاً}: حال من {ما} ومؤكدة لها؛ لأنها بمعنى الجمع. {وَمِثْلَهُ}: معطوف على {ما} منصوب مثلها، وقيل:
منصوب. على المعية، ولا وجه له. {مَعَهُ}: ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من (مثله)، والهاء في محل جر بالإضافة، و {أَنَّ} واسمها وخبرها في تأويل مصدر، وفيه قولان:
أحدهما، وهو قول سيبويه: أنه في محل رفع بالابتداء، وخبره محذوف، التقدير: لو كان ما في الأرض جميعا ثابت لهم، والثاني قول المبرد: أنه في محل رفع على الفاعلية، رافعه محذوف،