للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الذي ذمّه الله في كتابه في قوله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إيّاكم والحسد فإنّ الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب» أو قال:

«العشب». أخرجه أبو داود، وغيره عن أبي هريرة-رضي الله عنه-، وانظر ما ذكرته في سورة (الفلق) وفي الآية رقم [٥٤] من سورة (النّساء) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} أي: اتركوهم، وأعرضوا عنهم، فلا تؤاخذوهم، وكان هذا الأمر بالعفو، والصّفح قبل أن يؤمر بالقتال، فنسخ ذلك بقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وقوله جلّ ذكره: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ..}. وكذا قال أبو العالية، وقتادة، والسّدي: إنّها منسوخة بآية السيف، ويرشد إلى ذلك أيضا قوله تعالى: {حَتّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ} أي: بعقابه، وبعذابه، وهو القتل، والسبي لبني قريظة، والإجلاء، والنّفي لبني النّضير. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: هو أمر الله بقتالهم. {إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:}

انظر الآية رقم [١٠٦].

الإعراب: {وَدَّ كَثِيرٌ:} فعل، وفاعل. {مِنْ أَهْلِ:} متعلقان ب‍ {كَثِيرٌ} أو بمحذوف صفة له، و {أَهْلِ} مضاف، و {الْكِتابِ} مضاف إليه. {لَوْ:} حرف مصدري.

{يَرُدُّونَكُمْ:} فعل مضارع مرفوع، وفاعله، ومفعوله الأول. {مِنْ بَعْدِ:} متعلقان بما قبلهما، و {بَعْدِ} مضاف، و {إِيمانِكُمْ} مضاف إليه، والكاف في محل جر بالإضافة. {كُفّاراً:} مفعول به ثان، و {لَوْ} والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل: {وَدَّ،} وبعضهم يعتبر {لَوْ} شرطية امتناعية، ويقدر لها جوابا كما يلي: لو يردونكم كفارا، لسروا، وفرحوا بذلك. والأوّل أقوى، وأتمّ معنى، كما اعتبر أبو البقاء: {كُفّاراً} حالا من كاف الخطاب، والمرجّح الأول.

{حَسَداً:} مفعول لأجله، والعامل فيه: {وَدَّ}. {مِنْ عِنْدِ} متعلقان ب‍ {حَسَداً} أو بمحذوف صفة له، وجوز تعليقهما بالفعل: {وَدَّ،} والأول أقوى معنى وأتمّ سبكا، و {عِنْدِ} مضاف، و {أَنْفُسِهِمْ} مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة. {مِنْ بَعْدِ:} متعلقان بالفعل: {وَدَّ}.

{ما:} مصدرية. {تَبَيَّنَ:} فعل ماض. {لَهُمُ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

{الْحَقُّ:} فاعل، و {ما} والفعل {تَبَيَّنَ} في تأويل مصدر في محل جر بإضافة {بَعْدِ} إليه، التقدير: بعد تبيين الحق لهم، وجملة: {وَدَّ:} مستأنفة لا محل لها. {فَاعْفُوا:} الفاء: فيها أقوال، فبعضهم يعتبرها عاطفة جملة إنشائية على جملة خبرية، وابن هشام يعتبرها للسّببيّة المحضة، وأنا أعتبرها الفاء الفصيحة. (اعفوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتّفريق، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها جملة جواب شرط غير جازم، التقدير: وإذا حصل من اليهود مثل هذه الأقوال؛ فاعفوا عنهم، واصفحوا. ومتعلّق الفعلين محذوف، التقدير: عنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>