سورة (الأعراف). {إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ:} يذيقونكم. وقيل: معناه: يديمون تعذيبكم. {سُوءَ الْعَذابِ:} أشده وأفظعه، وإن كان كله سيئا؛ لأنه أقبح بالإضافة إلى سائره.
و {وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ} أي: الذكور. {وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ:} يتركون بناتكم أحياء.
وسبب ذلك: أنّ فرعون رأى في منامه رؤيا أفزعته، فعبرها له الكهنة بأن مولودا يولد في بني إسرائيل يكون ذهاب ملك فرعون على يده. {بَلاءٌ:} اختبار وامتحان، ويكون في الخير والشر، قال تعالى:{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ} فيمتحن الله تعالى بالخير؛ ليشكروا، وبالشر؛ ليصبروا، وقال ابن كيسان: أبلاه وبلاه في الخير والشر، وقيل: الأكثر في الخير: أبليته، وفي الشر بلوته، وفي الاختبار: ابتليته، وبلوته. قاله النحاس. واسم الإشارة:{وَفِي ذلِكُمْ} يجوز أن يكون إشارة إلى الإنجاء، وهو خير محبوب، ويجوز أن يكون إشارة إلى الذبح، وهو شر مكروه.
هذا؛ وموسى في الأصل (موشى) بالشين مركبا من اسمين: الماء والشجر، فالماء يقال له في العبرانية:«مو»، والشجر يقال له:«شا» فعربته العرب، وقالوا: موسى بالسين، وسبب تسميته بذلك: أن امرأة فرعون التقطته من نهر النيل بين الماء والشجر لمّا ألقته أمه فيه، كما هو مذكور في سورة (طه) و (القصص)، وموسى هو ابن عمران بن قاهت بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام. {فِرْعَوْنَ:} قال الجمل: قال المسعودي:
ولا يعرف لفرعون تفسير في العربية، وظاهر كلام الجوهري: أنه مشتق من معنى العتو، فإنه قال:
الفراعنة: العتاة، وقد تفرعن، وهو ذو فرعنة، أي دهاء، ومكر، وفرعون لقب لمن ملك العمالقة في مصر، كقيصر وكسرى، لملكي الفرس والروم، وكان فرعون موسى عليه السّلام مصعب بن ريان، وقيل: هو ابن مصعب، واسمه الوليد من بقايا قوم عاد، وفرعون يوسف عليه السّلام: هو الريان بن الوليد، وقد رأيت: أنه قد أسلم على يد يوسف، وبينهما أكثر من أربعمائة سنة.
هذا والسوء كل ما يغم الإنسان من أمر دنيوي، أو أخروي، وهو في الأصل مصدر، ويؤنث بالألف، كما في قوله تعالى:{ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ} وقيل: إن السوأى تأنيث الأسوأ، كما أن الحسنى تأنيث الأحسن، والسوء أيضا: العمل السيئ، وأطلق عليه ذلك؛ لأنه يسوء صاحبه، ويغمه عند مجازاته به في الدنيا وفي الآخرة. و {بَلاءٌ:}
أصله:(بلاو) فيقال في إعلاله: تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية همزة، وأصل أبناء:(أبناو) وأصل نساء: (نساي) فإعلالهما مثل إعلال: {(بَلاءٌ)} بلا فارق.
الإعراب:{وَإِذْ:} الواو: حرف استئناف. {(إِذْ):} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بفعل محذوف تقديره: اذكر، أو هو مفعول به لهذا المحذوف، وجملة:{قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ} في محل جر بإضافة {(إِذْ)} إليها. {اُذْكُرُوا:} أمر مبني على حذف