للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الله تعالى لا يأمر بها، فإنّه لا يأمر بالفحشاء. وقال زكريا بن سلام: جاء رجل إلى الحسن البصريّ، فقال: إنّه طلق امرأته ثلاثا، فقال: إنّك قد عصيت ربك، وبانت منك. فقال الرّجل:

قضى الله عليّ، فقال الحسن، وكان فصيحا، ما قضى الله ذلك؛ أي: ما أمر الله به، وقرأ قوله تعالى: {وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ}.

هذا؛ و ({الْأَمْرُ}): واحد الأمور، وليس بمصدر: أمر، يأمر، قال العلماء: والأمر في القرآن يتصرف على أربعة عشر وجها: الأول: الدّين، قال تعالى: {حَتّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ} أي: دين الإسلام. الثّاني: القول، ومنه قوله تعالى: {فَإِذا جاءَ أَمْرُنا} يعني: قولنا، وقوله تعالى: {فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ} يعني قولهم. الثالث: العذاب، ومنه قوله تعالى: {لَمّا قُضِيَ الْأَمْرُ} يعني: لما وجب العذاب بأهل النار. الرابع: عيسى عليه السّلام، قال الله تعالى: {فَإِذا قَضى أَمْراً} يعني: عيسى، وكان في علمه تعالى أن يكون من غير أب. الخامس: القتل ببدر، قال تعالى: {فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ} يعني: القتل ببدر، وقوله تعالى: {لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً} يعني: قتل أهل مكة. السادس: فتح مكة، قال تعالى: {فَتَرَبَّصُوا حَتّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ} يعني:

فتح مكة. السّابع: قتل قريظة، وجلاء النضير، قال تعالى: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ}. الثامن: القيامة، قال الله تعالى: {أَتى أَمْرُ اللهِ}. التاسع: القضاء، قال الله تعالى:

{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} يعني: القضاء. العاشر: الوحي، قال الله تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ} يقول: ينزل الوحي من السماء إلى الأرض. وقوله تعالى: {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} يعني:

الوحي. الحادي عشر: أمر الخلق، قال تعالى: {أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} يعني: أمور الخلائق. الثاني عشر: النصر، قال تعالى: {يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} يعنون النصر.

الثالث عشر: الذّنب، قال تعالى: {فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها} أي: جزاء ذنبها. الرابع عشر: الشأن، والفعل، قال تعالى: {وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} أي: فعله، وشأنه، وقال جلّ شأنه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي: فعله، وقوله. انتهى قرطبي.

الإعراب: {بَدِيعُ:} خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: هو بديع، والجملة الاسمية معترضة بين الكلام السابق، واللاحق لا محل لها. هذا؛ وقرئ بجر («بديع») على أنه بدل من الضمير في ({لَهُ}) على مذهب الكسائي، والمحققون لا يجيزون إبدال ظاهر من الضمير، وقرئ بنصبه على: أنه منصوب على المدح بفعل محذوف، و {بَدِيعُ:} مضاف، و {السَّماواتِ:} مضاف إليه من إضافة الصفة المشبهة لمفعولها، وفاعلها ضمير مستتر تقديره: هو، أو هو اسم فاعل، كما رأيت في الشرح، وهو أولى. {وَالْأَرْضِ:} معطوف على سابقه. {وَإِذا:} الواو: حرف عطف. ({إِذا}):

ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على

<<  <  ج: ص:  >  >>