الفعل بضم النون وفتحها، فالأول: من الرباعي، والثاني: من الثلاثي، وقرئ شاذّا بالتاء، والياء. وانظر شرح:(يسقي) في الآية رقم [٤١] من سورة (يوسف) على نبينا، وعليه ألف ألف صلاة، وألف ألف سلام. وانظر شرح دم في الآية رقم [١٨] منها.
{مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً:} فإنه يخلق من بعض أجزاء الدم المتولد من الأجزاء اللطيفة التي في الفرث، وهي الأشياء المأكولة، المنهضمة بعض الانهضام في الكرش، فعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: إن البهيمة إذا اعتلفت، وانطبخ العلف في كرشها؛ كان أسفله فرثا، وأوسطه لبنا، وأعلاه دما، والكبد مسلط على هذه الأصناف، فتقسم الدم، وتميزه، وتجريه في العروق، وتجري اللبن في الضرع، ويبقى الفرث كما هو في الكرش:{حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ}.
ولعله إن صح؛ فالمراد: أن أوسطه يكوّن مادة اللبن، وأعلاه مادة الدم الذي يغذي البدن؛ لأنهما لا يتكونان في الكرش، بل الكبد يجذب صفاوة الطعام المنهضم في الكرش، ويبقى ثفله، وهو الفرث، ثم يمسكها ريثما يهضمها هضما ثانيا، فيحدث أخلاط أربعة: معها مائية، فتميز القوة المميزة تلك المائية بما زاد على قدر الحاجة من المرتين، وتدفعها إلى الكلية، والمرارة، والطحال، ثم يوزع الباقي على الأعضاء بحسبها، فيجري إلى كلّ حقّه على ما يليق به بتقدير العليم الحكيم، ثم إن كان الحيوان أنثى؛ زاد أخلاطها على قدر غذائها، لاستيلاء البرودة، والرطوبة على مزاجها، فيندفع الزائد أولا إلى الرحم لأجل الجنين، فإذا انفصل؛ انصب ذلك الزائد، أو بعضه إلى الضروع، فيبيض بمجاورة لحومها الغددية البيض، فيصير لبنا.
ومن تدبّر صنع الله تعالى، في إحداث الأخلاط، والألبان، وإعداد مقارّها ومجاريها، والأسباب المولدة لها، والقوى المتصرفة فيها كلّ وقت على ما يليق به؛ اضطر إلى الإقرار بكمال حكمته، وتناهي رحمته. انتهى. بيضاوي.
{خالِصاً} أي: من حمرة الدم، وقذارة الفرث، وقد جمعهما وعاء واحد، أو هو مصفى عما يصحبه من الأجزاء الكثيفة بتضييق مخرجه. وقيل: معناه خالصا بياضه. {سائِغاً لِلشّارِبِينَ:} سهل المرور في حلوق شاربيه، ولذيذا هينا، لا يغص به من شربه. وقيل: إنه لم يشرق أحد باللبن.
الإعراب:{وَإِنَّ:} الواو: حرف استئناف. (إن): حرف مشبه بالفعل. {لَكُمْ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {فِي الْأَنْعامِ:} متعلقان بمحذوف خبر ثان، أو بالخبر المحذوف، أو بمحذوف حال من الضمير المستتر فيه. {لَعِبْرَةً:} اللام: لام الابتداء. (عبرة): اسم (إنّ) مؤخر، والجملة الاسمية:{وَإِنَّ لَكُمْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {نُسْقِيكُمْ:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره:«نحن»، والكاف مفعول به أول. {مِمّا:} متعلقان بالفعل قبلهما. {فِي بُطُونِهِ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول، والهاء في محل جر بالإضافة. {مِنْ بَيْنِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من