للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ} أي: بحملهم على كسب الأموال، وجمعها من الحرام، وإنفاقها في غير طاعة الله تعالى، وبالحث على التوصل إلى الولد بالسبب المحرم، أو الإشراك فيه بتسميته عبد العزى، ونحوه، أو بالتضليل عن طريق الهدى، أو إهمال الولد بدون تربية؛ حتى يتعود الأفعال القبيحة، والصفات الذميمة. هذا؛ ومشاركة الشيطان للإنسان في ماله، وولده تكون بترك التسمية عند الأكل، والشرب، واللباس، والجماع، وسائر التصرفات، وقد نبه النبي صلّى الله عليه وسلّم على ذلك، وخذ ما يلي:

فعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله تعالى عند دخوله، وعند طعامه قال الشّيطان: لا مبيت لكم، ولا عشاء. وإذا دخل، فلم يذكر الله عند دخوله قال الشّيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال الشيطان: أدركتم المبيت، والعشاء». رواه الخمسة إلا البخاري.

وعن سلمان الفارسي-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. قال: «من سرّه ألاّ يجد الشيطان عنده طعاما، ولا مقيلا، ولا مبيتا، فليسلّم إذا دخل بيته، وليسمّ على طعامه». رواه الطبراني. وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو أنّ أحدكم إذا أتى أهله قال: اللهمّ جنّبني الشّيطان، وجنّب الشّيطان ما رزقتني، فإن كان بينهما ولد؛ لم يضرّه الشيطان، ولم يسلّط عليه». ويروى هذا الحديث بروايات مختلفة من طرق متعددة، والمرأة فيما ذكر كالرجل من أنها مطالبة بالتسمية في كل شيء. وقيل: إن الشيطان يعتمد على ذكر الرجل وقت الجماع، فإذا لم يقل: بسم الله أصاب معه امرأته، وأنزل في فرجها كما ينزل الرجل، وهو معنى قول مجاهد: إن الذي يجامع، ولا يسمي يلتفّ الشيطان على إحليله، فيجامع معه. وروي من حديث عائشة -رضي الله عنها-. قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ فيكم مغرّبين». قلت: يا رسول الله! وما المغرّبون؟ قال: «الّذين شارك فيهم الجنّ». انظر رقم [٥١] من سورة (الكهف)، وفي الخبر: أن إبليس-لعنه الله تعالى-قال: يا رب بعثت أنبياء، وأنزلت كتبا، فما قراءتي؟ قال: الشعر. قال:

فما كتابي؟ قال: الوشم. قال: ومن رسلي؟ قال: الكهنة. قال: أي: شيء مطعمي؟ قال: ما لم يذكر عليه اسمي. قال: فما شرابي؟ قال: كل مسكر. قال: وأين مسكني؟ قال: الحمامات.

قال: وأين مجلسي. قال: في الأسواق. قال: وما حبائلي؟ قال: النساء. قال: وما أذاني؟ قال: المزمار. وانظر الآية رقم [٩٧ - ٩٨] من سورة (المؤمنون) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

{وَعِدْهُمْ} أي: المواعيد الباطلة كشفاعة الأصنام، وقل لهم: لا جنة، ولا نار، ولا بعث بعد الموت، ولا حساب، ولا جزاء. {وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاّ غُرُوراً:} الغرور تزيين الخطأ بما يوهم الصواب، وتزيين الباطل بما يظن أنه حق، ومثله الآية رقم [١٢٠] من سورة (النساء).

تنبيه: في الآية الكريمة ما يدل على تحريم المزامير، والغناء، واللهو. وما كان من صوت الشيطان، أو فعله، وما يستحسنه؛ فواجب التنزه عنه. وروى نافع: أن ابن عمر-رضي الله عنهما-

<<  <  ج: ص:  >  >>