للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإزجاء الفلك: سوقها بالريح اللينة. وقد كان هذا في الزمن الغابر، أما اليوم فسوقها بالبخار والنار. هذا؛ والفلك بضم الفاء وسكون اللام يطلق على المفرد، والجمع، والمذكر، والمؤنث. قال تعالى: {فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} فأفرد، وذكر. وقال تعالى: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النّاسَ} فأنث، ويحتمل الإفراد، والجمع. وقال جل شأنه: {حَتّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} فجمع، وكأنه يذهب بها إذا كانت واحدة إلى المركب، فتذكر، وإلى السفينة فتؤنث، وقد ألغز الشاعر فيها، فقال: [الطويل]

مكسّحة تجري ومكفوفة ترى... وفي بطنها حمل على ظهرها يعلو

فإن عطشت عاشت وعاش جنينها... وإن شربت ماتت وفارقها الحمل

ولا تنس: أن أول من اخترع الفلك-وهي السفينة-نوح عليه الصلاة والسّلام، ومن تصميمها وشكلها أخذت البشرية تصنع السفن، وتتطور جيلا بعد جيل، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه في العصر الحاضر. هذا؛ والفلك: بفتحتين مدار النجوم، ويجمع على: فلك بضم الفاء وسكون اللام وضمها أيضا وعلى: أفلاك أيضا، والفلك من كل شيء: مستداره ومعظمه، والفلكي منسوب إلى علم الفلك. و {لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أي: تطلبوا الرزق، والأرباح بالتجارة التي تنقل من بلاد إلى بلاد بواسطة السفن التي تمخر عباب البحار. {إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً:} حيث هيأ لكم ما تحتاجون إليه، وسهل عليكم ما تعسر من أسبابه. وانظر شرح {الرَّحِيمِ} في البسملة أول سورة (يوسف) عليه السّلام، وشرح {كانَ} في الآية [٣٠].

الإعراب: {رَبُّكُمُ:} مبتدأ، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. والميم علامة جمع الذكور. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ. {يُزْجِي:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره: «هو» يعود إلى الذي، وهو العائد، والجملة الفعلية صلته لا محل لها. {لَكُمُ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {الْفُلْكَ:} مفعول به. {فِي الْبَحْرِ:}

متعلقان بالفعل {يُزْجِي} أيضا. {لِتَبْتَغُوا:} مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق، و «أن» المضمرة، والمضارع في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {يُزْجِي}. {مِنْ فَضْلِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. وقيل: {مِنْ} زائدة و {فَضْلِهِ:} مفعول به، والأول: أقوى. {إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً:} تقدم إعراب مثل هذه الجملة في الآية رقم [٣] وغيرها، والجملة الاسمية تعليل آخر لقوله: {يُزْجِي،} والجملة الاسمية: {رَبُّكُمُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>