للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قوم: الحنف الاستقامة، فسمّي دين إبراهيم حنيفا لاستقامته، وسمّي المعوجّ الرّجلين أحنف تفاؤلا بالاستقامة كما قيل للديغ: سليم، وللمهلكة: مفازة. انتهى قرطبي. والعرب تسمّي كل من حجّ، أو اختتن: حنيفا، تنبيها على أنه على دين إبراهيم.

هذا؛ ومناسبة الآية لما قبلها: أن الله تعالى لمّا ذكر: أنّ ملة إبراهيم هي الملة الحنيفية السمحة، وأنّ من لم يؤمن بها، ورغب عنها؛ فقد بلغ الذروة العليا في الجهالة، والسفاهة؛ ذكر تعالى في هذه الآية ما عليه أهل الكتاب من الدّعاوى الباطلة من زعمهم: أن الهداية في اتباع اليهودية، والنصرانية، وبيّن: أن تلك الدّعاوى لم تكن عن دليل، أو شبهة، بل هي مجرد جحود، وعناد. ثمّ عقّب ذلك بأنّ الدين الحق هو التمسك بالإسلام، وهو دين إبراهيم، ودين جميع الأنبياء، والمرسلين، على نبينا، وعليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام.

الإعراب: {وَقالُوا:} الواو: حرف عطف. ({قالُوا}): ماض وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة في المعنى على الآية رقم [١١١]، ومستأنفة في الإعراب.

{كُونُوا:} فعل أمر ناقص مبني على حذف النون، والواو اسمه، والألف للتفريق.

{هُوداً:} خبر: {كُونُوا:} والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. {نَصارى:} معطوف على {هُوداً} منصوب مثله، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر. {تَهْتَدُوا:} فعل مضارع مجزوم لوقوعه جوابا للأمر، وجزمه عند الجمهور بشرط محذوف، التقدير: إن تكونوا هودا؛ تهتدوا، وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، وهي في محل نصب مقول القول أيضا.

{قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: أنت، ومتعلقه محذوف. {مِلَّةَ:} مفعول به لفعل محذوف، التقدير: بل نتبع ملّة، و {بَلْ} حرف إضراب، وقيل: منصوب على الإغراء، وقدّر البيضاوي فعلا ناقصا: «نكون» ولا وجه له. هذا؛ وقرئ برفع: («ملّة») على أنه خبر لمبتدإ محذوف، أو مبتدأ خبره محذوف، التقدير: بل ملّتنا ملة، أو: بل ملّة إبراهيم ملّتنا. و {مِلَّةَ} مضاف، و {إِبْراهِيمَ:} مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. {حَنِيفاً:} حال من: {إِبْراهِيمَ} وجاز مجيء الحال من المضاف إليه؛ لأن المضاف كجزء منه، قال ابن مالك-رحمه الله-في ألفيته: [الرجز]

ولا تجز حالا من المضاف له... إلاّ إذا اقتضى المضاف عمله

أو كان جزء ما له أضيفا... أو مثل جزئه فلا تحيفا

وقيل: هو منصوب بإضمار: أعني، ولا وجه له. {وَما:} الواو: واو الحال، ({ما}): نافية.

{كانَ:} فعل ماض ناقص، واسمه ضمير يعود إلى إبراهيم. {مِنَ الْمُشْرِكِينَ:} جار ومجرور

<<  <  ج: ص:  >  >>