{عُمْياً:} لا يبصرون. {وَبُكْماً:} لا ينطقون. {وَصُمًّا:} لا يسمعون، وهذا لا يتعارض مع قوله تعالى:{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النّارَ..}. إلخ وقوله جل شأنه:{وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً} وقوله تبارك اسمه: {إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} فقد قيل فيه أوجه: أحدها: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: معناه {عُمْياً:} لا يبصرون ما يسرهم.
{وَبُكْماً:} لا ينطقون بحجة. {وَصُمًّا:} لا يسمعون ما يسرهم. الثاني: قيل: معناه: يحشرون على ما وصفهم الله تعالى، ثم تعاد إليهم هذه الأشياء. الوجه الثالث: قيل: هذا معناه حين يقال لهم: {اِخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ} فيصيرون عند ذلك {عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا،} لا يبصرون، ولا ينطقون، ولا يسمعون. {مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ:} مستقرهم، ومقامهم. {كُلَّما خَبَتْ} أي:
سكن لهيبها وهدأت من غير أن يوجد فيها نقصان في إيلام الكفار؛ لأن الله تعالى يقول:{لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ}. {زِدْناهُمْ سَعِيراً:} نارا تتلهب. وقيل: وقودا لتحرقهم، وتبدل جلودهم، كما قال تعالى:{كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ}. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
بعد هذا ف:{الْمُهْتَدِ} يقرأ بحذف الياء وإثباتها. هذا؛ وقد راعى لفظ (من) في الجملة الأولى، فأفرد الضمير، وراعى معناها في الجملة الثانية في قوله:{فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ} فجمع الضمير. وانظر شرح (دون) في الآية رقم [١٥] من سورة (الكهف)، وشرح:{وَلِيًّا} في الآية رقم [١٧] منها، وإعلال {تَجِدَ} مثل إعلال {تَزِرُ} في الآية رقم [١٥] وانظر شرح {الْقِيامَةِ} في الآية رقم [٥٨]{وَبُكْماً:} جمع: أبكم، انظر الآية رقم [٧٦] من سورة (النحل). {وَصُمًّا:}
جمع أصم، وهو الذي لا يسمع. وانظر:«مأوى» و {مَثْوَى} في الآية رقم [٢٩] من سورة (النحل). وانظر «زاد يزيد» في الآية رقم [٤١]. هذا؛ وأصل {خَبَتْ}«خبوت» بوزن: قعد؛ لأن الفعل واوي اللام، تقول: خبا يخبو، فتحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، فالتقى ساكنان: الألف وتاء التأنيث، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين. هذا؛ وفي الآية التفات من الغيبة إلى التكلم، انظر الآية [٢٢] من سورة (النحل).
الإعراب:(من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، أو هو مفعول به مقدم؛ لأن فعل الشرط متعد، ولم يستوف مفعوله. {يَهْدِ:} مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، ومفعوله محذوف على اعتبار (من) مبتدأ. {اللهُ:} فاعله. {فَهُوَ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط.
هو: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الْمُهْتَدِ:} خبره مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة، أو الثابتة حسبما رأيت، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها، لأنها لم تحل محل المفرد، وخبر المبتدأ