للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراد به: النصارى، فإن جماعة من أهل نجران حضروا عند النبي صلّى الله عليه وسلّم، فجرى ذكر أصحاب الكهف، فقالت اليعقوبية، كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم. وقالت النسطورية: كانوا خمسة سادسهم كلبهم. وقال المسلمون: كانوا سبعة ثامنهم كلبهم. {رَجْماً بِالْغَيْبِ:} رميا بالخبر الخفي الذي لا مطلع لهم عليه. ففيه استعارة، أو ظنا بالغيب، والرجم: القول بالظن، يقال لكل ما يخرص ويخمن: رجم فيه، ومرجوم، ومرجم. قال زهير بن أبي سلمى المزني: [الطويل]

وما الحرب إلاّ ما علمتم وذقتم... وما هو عنها بالحديث المرجّم

ومثله قوله تعالى في سورة (سبأ) رقم [٥٣]: {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ}.

{قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ:} أمر الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم في هذه الآية أن يرد علم عدتهم إليه عز وجل، ثم أخبر: أن عالم ذلك من البشر قليل، فقال: {ما يَعْلَمُهُمْ إِلاّ قَلِيلٌ} فقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنا من ذلك القليل، كانوا سبعة، وثامنهم كلبهم، ثم ذكر السبعة بأسمائهم، وهم:

مكسلمينا، ويمليخا، ومرطونس، وبينونس، وسارينونس، وذو نوانس، وكشفيططنونس، وهو الراعي، واسم كلبهم قطمير. وقيل في تسميتهم غير ذلك.

{فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاّ مِراءً ظاهِراً} أي: لا تجادل في أصحاب الكهف إلا بظاهر ما قصصنا عليك، فقف عنده، ولا تزد عليه. وقيل: معنى المراء الظاهر أن تقول: ليس كما تقولون، ونحو هذا. وفي هذا دليل على أن الله تعالى لم يبين عددهم لأحد. {وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً} أي: لا تسأل أحدا من أهل الكتاب عن قصة أهل الكهف، ولا عن عدتهم. وفي هذا دليل على منع المسلمين من مراجعة أهل الكتاب في شيء من العلم. انتهى خازن، وقرطبي بتصرف.

هذا؛ وقال القرطبي-رحمه الله تعالى-والواو في قوله: {وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} طريق النحويين: أنها واو العطف دخلت في آخر إخبار عن عددهم لتفصل أمرهم، وتدل على أنّ هذا غاية ما قيل، ولو سقطت لصح الكلام. وقالت فرقة منهم ابن خالويه: هي واو الثمانية. وحكى الثعلبي عن أبي بكر بن عياش: أن قريشا كانت تقول في عددها: ستة، سبعة، وثمانية، فتدخل الواو في الثمانية. وحكى نحوه القفال، فقال: إن قوما قالوا: العدد ينتهي عند العرب إلى سبعة، فإذا احتيج إلى الزيادة عليها، استأنف خبر آخر بإدخال الواو، كقوله تعالى: {التّائِبُونَ الْعابِدُونَ..}. ثم قال: {وَالنّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ} الآية رقم [١١٢] من سورة (التوبة). وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٨٠] من سورة (التوبة) أيضا.

وقال القرطبي: يدل عليه أنه تعالى لما ذكر أبواب جهنم: {حَتّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها} الآية رقم [٧١] من سورة (الزمر) بلا واو، ولما ذكر الجنة. قال: {وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} بالواو، الآية رقم [٧٣] من سورة (الزمر). وقال: {خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ..}. ثم قال: {وَأَبْكاراً} الآية رقم [٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>