للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-هو ماء غليظ مثل درديّ الزيت؛ أي: عكره الذي يبقى في الأسفل، فعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال فيه: «كعكر الزّيت، فإذا قرّب إليه سقطت فروة وجهه منه». أخرجه الترمذي. وقيل: المهل: الدم، والقيح. وقال أبو عبيدة: هو كل ما أذيب من جواهر الأرض من حديد، ورصاص، ونحاس، وقزدير فتموج بالغليان، فذلك المهل. وانظر شرح الآية رقم [١٦] و [١٧] من سورة (إبراهيم) عليه الصلاة والسّلام ففيها الكفاية. {بِئْسَ الشَّرابُ} أي: المذموم المهل الذي يغاثون به، وقل: بئس الطعام الذي يأكلونه قياسا على الشراب، والخلاصة: أن المهل اسم جامع لكل مستقذر تتقزز منه النفس، وتتألم، وتنفر. {وَساءَتْ مُرْتَفَقاً} أي: ساءت النار منزلا. قاله ابن عباس. وقال مجاهد: مجتمعا كأنه ذهب إلى معنى المرافقة. وقيل غير ذلك، وأصله من المتكأ، يقال منه:

ارتفقت؛ أي: اتكأت على المرفق. قال الشاعر: [الرجز]

قالت له وارتفقت ألا فتى... يسوق بالقوم غزالات الضّحى

ويقال: ارتفق الرجل: إذا نام على مرفقه، لا يأتيه نوم. قال أبو ذؤيب الهذلي: [البسيط]

نام الخليّ وبتّ الليل مرتفقا... كأنّ عينيّ فيها الصّاب مذبوح

وأخيرا: قال الله تعالى: {وَساءَتْ مُرْتَفَقاً} لمقابلة قوله الآتي: {وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} وإلا فلا ارتفاق لأهل النار، إلا بالويل والثبور، وعظائم الأمور، لطفك يا غفور، وعفوك يا عفوّ! كما أن قوله تعالى: {يُغاثُوا} تهكم بهم؛ حيث سمى أقسى أنواع العذاب إغاثة، والإغاثة في الحقيقة هي الإنقاذ من العذاب تهكما بهم وتشفيا منهم.

بعد هذا انظر شرح (نعم) و (بئس) في الآية رقم [٢٤] من سورة (الرعد)، وشرح {الْقَوْلُ} في الآية رقم [١٦] من سورة (الإسراء)، وشرح {رَبِّكُمْ} في الآية [٨] منها، وشرح {الْحَقُّ} في الآية [٨١] منها. وشرح (شاء) في الآية [٢] من سورة (النحل)، وشرح (الكفر) في الآية رقم [١٠٧] منها، وشرح (ماء) في الآية رقم [١٠] منها أيضا.

الإعراب: {وَقُلِ:} الواو: حرف عطف. (قل): أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت».

{الْحَقُّ:} خبر مبتدأ محذوف، التقدير: هو الحق. {مِنْ رَبِّكُمْ:} متعلقان بمحذوف حال من {الْحَقُّ}. هذا؛ وقيل: {الْحَقُّ:} مبتدأ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبره، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {وَقُلِ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.

{فَمَنْ:} الفاء: حرف استئناف وتفريع. من: اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {شاءَ:} ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من)،

<<  <  ج: ص:  >  >>