تنبيه: سبب نزول الآية الكريمة: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعد أن هاجر إلى المدينة المنورة أمره ربه أن يستقبل بيت المقدس في صلاته تأليفا لليهود، فرضي، وأحبّ، وامتثل، وصلّى نحوه ستة عشر، أو سبعة عشر شهرا، ومع ذلك كان يحبّ بطبعه أن يستقبل الكعبة؛ لأنّها قبلة أبيه إبراهيم، وأقدم القبلتين، وأدعى للعرب إلى الإيمان، ولمخالفة اليهود اللّؤماء؛ الذين ناصبوه العداء، فقال لجبريل عليه السّلام:«وددت لو حوّلني الله إلى الكعبة» فقال جبريل عليه السّلام: إنّما أنا عبد مثلك. وجعل عليه الصّلاة والسّلام يديم النظر إلى السّماء رجاء أن ينزل جبريل عليه السّلام بما يحبّ من أمر القبلة، فأنزل الله تحقيقا لأمنيته، واستجابة لرغبته:{قَدْ نَرى..}. إلخ. انتهى.
خازن، وبيضاوي بتصرف. ورحم الله من يقول:[الكامل]
كم للنّبيّ المصطفى من آية... غرّاء حار الفكر في معناها
لمّا رأى الباري تقلّب وجهه... ولاّه أيمن قبلة يرضاها
الإعراب:{قَدْ:} حرف تحقيق، وقيل: هي حرف تكثير هنا. {نَرى:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذّر، والفاعل مستتر تقديره: نحن، وهو بصري، اكتفى بمفعول واحد، وهو:{تَقَلُّبَ}. و {تَقَلُّبَ} مضاف، و {وَجْهِكَ:} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله، والكاف في محل جر بالإضافة {فِي السَّماءِ:} متعلقان بالمصدر {تَقَلُّبَ}. وأجيز أن يكونا متعلّقين بمحذوف حال من:{وَجْهِكَ} أي: متطلّعا في السّماء.
والجملة الفعلية:{قَدْ نَرى..}. إلخ هي في المعنى علّة ثانية لقوله تعالى:{وَما جَعَلْنَا..}. إلخ في الآية السابقة.
{فَلَنُوَلِّيَنَّكَ:} الفاء: حرف تفريع عما سبق. اللام: واقعة في جواب قسم محذوف.
(نولينك): فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة؛ التي هي حرف لا محل لها، والكاف: مفعول به أول. {قِبْلَةً:} مفعول به ثان، والفاعل: مستتر تقديره: نحن، والجملة الفعلية، لا محل لها؛ لأنها جواب القسم المحذوف، والقسم، وجوابه كلام مفرّع عما قبله، لا محل له. {تَرْضاها:}(ترضى): فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذّر، و (ها): مفعول به، والفاعل مستتر، تقديره: أنت، والجملة الفعلية في محل نصب صفة {قِبْلَةً} أي: قبلة مرضية عندك، أو لك.
{فَوَلِّ} الفاء: هي الفصيحة، (ولّ): فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل تقديره: أنت. {وَجْهِكَ:} مفعول به، الكاف في محل جر بالإضافة. {شَطْرَ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، وقيل: هو مفعول ثان: وهو مضاف، و {الْمَسْجِدِ:} مضاف إليه. {الْحَرامِ:} صفة المسجد، والجملة الفعلية:{فَوَلِّ..}. إلخ