{فَلا تَخْشَوْهُمْ:} فلا تخافوا جدالهم في التوجّه إلى الكعبة. {وَاخْشَوْنِي:} خافوني بامتثال أمري، واجتناب نهيي، هذا؛ والماضي: خشي، والمصدر خشية، والرّجل خشيان، والمرأة خشيا، وهذا المكان أخشى من ذاك، أي: أشد خوفا، وقد يأتي خشي بمعنى: علم القلبيّة، قال الشاعر المسلم:[الكامل]
ولقد خشيت بأنّ من تبع الهدى... سكن الجنان مع النّبيّ محمّد
قالوا: معناه: علمت، وقوله تعالى في سورة (الكهف) حكاية عن قول الخضر: {فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً}. قال الأخفش: معناه: كرهنا. هذا؛ والخشية أصلها: طمأنينة في القلب تبعث على الترقّي. والخوف: فزع القلب تخفّ له الأعضاء، ولخفة الأعضاء سمّي خوفا.
{وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} أي: بالهداية، والتوفيق إلى القيام بما آمركم به، والابتعاد عمّا أنهاكم عنه، وأيضا بالرّضا، والتسليم، والاستسلام لكلّ ما شرعت من الأحكام، من تغيير، وتبديل، وناسخ، ومنسوخ من التعاليم. {وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ:} توفّقون إلى الحق. وإلى ما ضلّت عنه الأمم، وهديناكم إليه، وخصصناكم به، وبهذا كانت هذه الأمّة أشرف الأمم، وأفضلها.
الإعراب:{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ:} هو مثل الآية السابقة بلا فارق، وهي معطوفة عليها، ومؤكّدة لها. {وَحَيْثُ ما:} الواو: حرف عطف. (حيثما): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية.
وبعضهم يقول: مبني على الضمّ على اعتبار (ما) زائدة، متعلق بمحذوف في محل نصب خبر ل {كُنْتُمْ} تقدّم عليه. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء اسمه. {فَوَلُّوا:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (ولوا): فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعله، والألف للتفريق. {وُجُوهَكُمْ:} مفعول به، والكاف في محل جر بالإضافة.
{شَطْرَهُ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، وقيل: مفعول به ثان، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الشرطية معطوفة على ما قبلها، والجملة الفعلية:(ولوا...) إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدّسوقي يقول: لا محل لها من الإعراب؛ لأنها لم تحل محل المفرد.
{لِئَلاّ..}. إلخ: اللام: حرف تعليل وجر. (أن): حرف مصدري ونصب مدغم في (لا) النافية. {يَكُونَ:} فعل مضارع منصوب ب «أن». {لِلنّاسِ:} متعلقان بمحذوف خبر {يَكُونَ} مقدم. {عَلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف المقدّم. أو هما متعلقان بمحذوف حال من {حُجَّةٌ} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا على القاعدة:«نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا»، {حُجَّةٌ:} اسم {يَكُونَ} مؤخر، و «أن» والفعل: {يَكُونَ} في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، التقدير: فعلنا ذلك لقطع حجة