للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا الإظهار، وتكون الجملة، مستأنفة. قال القرطبي: وهذا معنى صحيح؛ لأن الله عز وجل قد أخفى الساعة التي هي القيامة، والساعة التي يموت فيها الإنسان؛ ليكون الإنسان يعمل والأمر عنده مبهم، فلا يؤخر التوبة.

وقال أبو علي الفارسي: معنى {أُخْفِيها} أزيل عنها خفاءها، وهو سترها، وإذا أزال عنها سترها؛ ظهرت. وحكى أبو حاتم عن الأخفش: أن «كاد» زائدة مؤكدة. قال: ومثله: {إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها} لأن الظلمات التي ذكرها الله تعالى، بعضها يحول بين الناظر، والمنظور إليه. وروي معناه عن سعيد بن جبير، واستشهدوا بقول زيد الخير: [الطويل]

سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه... فما إن يكاد قرنه يتنفّس

أراد، فما يتنفس قرنه؛ أي: مقارنه، وهو محاربه. وقال آخر: [الطويل]

وألاّ ألوم النفس فيما أصابني... وألاّ أكاد بالذي نلت أنجح

معناه: وألا أنجح بالذي نلت. وقيل: المعنى: {أَكادُ أُخْفِيها} أي: أقارب ذلك. قال اللغويون: «كدت أفعل» معناه عند العرب: قاربت الفعل، ولم أفعل، وشاهده قول الله جلت عظمته: {فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ} معناه فعلوا بعد إبطاء لتعذر وجدان البقرة عليهم. وقيل:

المعنى: أريد أخفيها. قال الأنباري: وشاهد هذا القول الفصيح من الشعر: [الكامل]

كادت وكدت، وتلك خير إرادة... لو عاد من زمن الصّبابة ما مضى

معناه: أرادت، وأردت. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: وأكثر المفسرين فيما ذكره الثعلبي: إن المعنى أكاد أخفيها من نفسي، فكيف يعلمها مخلوق، وكيف أظهرها لكم؟! وهو محمول على أنه جاء على ما جرت به عادة العرب في كلامها، من أن أحدهم إذا بالغ في كتمان الشيء. قال: أخفيه من نفسي، والله تعالى لا يخفى عليه شيء، ورد هذا الزمخشري بقوله:

ولا دليل على الكلام في هذا المحذوف، ومحذوف لا دليل عليه مطّرح. انتهى. قرطبي بتصرف.

وقال الجمل: والحكمة من إخفاء الساعة ومن إخفاء وقت الموت: أن الله تعالى وعد بعدم قبول التوبة عن قربهما، فلو عرف وقت الموت لاشتغل الإنسان بالمعصية إلى قرب ذلك الوقت، ثم يتوب، فيتخلص من عقاب المعصية، فتعريف وقت الموت كالإغراء بفعل المعصية، وهو لا يجوز. انتهى.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {السّاعَةَ:} اسمها. {آتِيَةٌ:} خبرها. {أَكادُ:}

مضارع ناقص، واسمه مستتر تقديره: «أنا». وخبرها محذوف، انظر ما ذكرته في الشرح، وعلى زيادتها فلا محل لها، وعلى تفسيرها ب‍ «أريد» فهي تامة والجملة بعدها مفعول به. وانظر الشرح بتدبر، وتعقل ينجلي لك الأمر، والجملة الاسمية: {إِنَّ السّاعَةَ..}. إلخ ابتدائية، أو تعليلية، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>