للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض أعمالهم، فيقول: «ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا» وقال البغدادي: وقد التزم بعده ذكر حال يفسره غالبا، وقد يأتي بدونها، كقوله تعالى: {فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى} وقد تتبعت استعمال هذه الحال في كلام العرب-ولم أر من سبقني له-فرأيتهم يستعملونها على وجوه شتّى: منها:

أنها ماضوية مقرونة به قد، وماضوية بدون قد، ومضارعية مثبتة، ومضارعية منفية، وتكون مفردة، وتكون اسمية غير مقترنة بواو، ومقترنة بالواو، وأورد لكل وجه مثالا شعريا.

{قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ:} المعنى قال موسى مجيبا لذلك الضال: إنما تسأل عن أمور مغيبة قد استأثر الله بها، لا يعلمها إلا الله، وما أنا إلا عبد مثلك، لا أعلم منها إلا ما أخبرني به علام الغيوب، وعلم أحوال القرون الأولى مكتوب عند الله في اللوح المحفوظ، وإنما رد موسى علم ذلك إلى الله تعالى؛ لأن التوراة إنما نزلت بعد هلاك فرعون، وقومه.

{لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى:} الضلال: أن تخطئ الشيء في مكانه، فلم تهتد إليه، والنسيان:

أن تذهب عنه بحيث لا يخطر ببالك، وهما محالان على الله تعالى، لذا كان أحسن قول من أقوال مختلفة في تفسير ذلك: إن الوقف على {كِتابٍ} والابتداء بما بعده، والمراد: تنزيه الله تعالى عن هاتين الصفتين. وقيل: إن المراد: الكتاب لا يضل؛ أي: غير ضال عن الله تعالى، وغير ناس له، وهو معنى ركيك كما ترى. هذا؛ وقرئ: «(لا يُضلّ)» من الرباعي على معنى لا يضيعه ربي، ولا ينساه، وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قوله: لا يترك من كفر به؛ حتى ينتقم منه، ولا يترك من وحده؛ حتى يجازيه.

الإعراب: {قالَ:} ماض، والفاعل يعود إلى فرعون، تقديره: «هو». {فَما:} الفاء: حرف صلة. (ما): اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {بالُ:} خبره، و {بالُ:}

مضاف، و {الْقُرُونِ} مضاف إليه. {الْأُولى:} صفة القرون مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف، والجملة الاسمية: {فَما بالُ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}.

إلخ مستأنفة، لا محل لها. {قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى (موسى) عليه السّلام، تقديره:

«هو». {عِلْمُها:} مبتدأ، و (ها): في محل جر بالإضافة. {عِنْدَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، و {عِنْدَ} مضاف، و {رَبِّي} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، وعلى هذا فالجار والمجرور: {فِي كِتابٍ} متعلقان بالخبر المحذوف، أو متعلقان بمحذوف خبر ثان، أو متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر المحذوف المقدر بكائن، أو بموجود. هذا؛ وأجيز اعتبارهما متعلقين بمحذوف خبر المبتدأ، وتعليق عند بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر المقدر، وهذا على قول الأخفش وقيل: متعلق بمحذوف حال من الضمير المضاف إليه في {عِلْمُها}. وقيل: هو ظرف متعلق بالمصدر:

<<  <  ج: ص:  >  >>