بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ، وقد أيبس الله لهم أرض البحر، فلم يبق فيه ماء، ولا طين، وأرسل الله الهواء عليه، فلم يبق في أرض البحر التي ساروا فيها رطوبة قطعا.
قال أبو العتاهية الصوفي: [البسيط]
ما بال دينك ترضى أن تدنّسه... وثوبك الدّهر مغسول من الدّنس
ترجو النّجاة، ولم تسلك طريقتها... إنّ السّفينة لا تجري على اليبس
{لا تَخافُ دَرَكاً:} لحاقا من فرعون، وجنوده. ويقرأ الفعل بالجزم. وانظر الإعراب. {وَلا تَخْشى} أي: غرقا، فقد روي: أن فرعون لما لحقهم قرب البحر. قالوا: هذا فرعون قد أدركنا بجيشه، وهذا البحر أمامنا، فقال الله لموسى ليطمئن قومه: {لا تَخافُ..}. إلخ. هذا؛ والدرك بفتح الدال وتسكن: اللّحاق كما رأيت، وإدراك الحاجة، وأقصى قعر الشيء، ومنه قوله تعالى:
{إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّارِ} الآية رقم [١٤٥] من سورة (النساء). وانظر شرح (نا) في الآية رقم [٤٩] من سورة (مريم) عليها السّلام.
الإعراب: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى} انظر إعراب مثل هذه الجملة في الآية رقم [٥٦]. {أَنْ:}
حرف تفسير. {أَسْرِ} أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: «أنت». {بِعِبادِي:} متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة وجملة: {أَنْ أَسْرِ..}. إلخ مفسرة للإيحاء. وانظر الآية رقم [٣٩] حيث جوز اعتبار {أَنْ} مصدرية. (اضرب): أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {لَهُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {طَرِيقاً:} مفعول به. {فِي الْبَحْرِ:}
متعلقان بمحذوف صفة {طَرِيقاً}. {يَبَساً:} صفة ثانية، أو هو حال من {طَرِيقاً} بعد وصفه بما تقدم، والجملة الفعلية: {فَاضْرِبْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها على الاعتبارين فيها، والكلام:
{وَلَقَدْ..}. إلخ مستأنف، لا محل له. {لا:} نافية. {تَخافُ:} مضارع، والفاعل أنت.
{دَرَكاً:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من فاعل (اضرب) المستتر، والرابط:
الضمير فقط. هذا؛ ويقرأ الفعل بالجزم في جواب الأمر، أو ب: {لا} الناهية، والجملة الفعلية لا محل لها على الاعتبارين. هذا؛ والفعل: {تَخْشى} معطوف على ما قبله بحالة الرفع، وحالة الجزم، ففي حالة الرفع فالأمر بين، وفي حالة الجزم، فالجملة الفعلية في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: وأنت لا تخشى، والجملة الاسمية هذه في محل نصب حال من فاعل تخاف. والرابط: الواو، والضمير. هذا؛ وأجيز اعتباره مجزوما بعطفه على ما قبله، واعتبار الألف الثابتة للإطلاق على حد قوله تعالى: {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} وقوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا} وانظر {يَتَّقِ:} في الآية رقم [٩٠] من سورة (يوسف) عليه الصلاة والسّلام.