للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعكفون على أصنام لهم {قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ} الآية [١٣٣] من سورة (الأعراف)، فاغتنمها السامري، وعلم أنهم يميلون إلى عبادة العجل، فاتخذ العجل. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٨٥].

{قالَ} أي: السامري مجيبا لموسى. {بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ} أي: رأيت ما لم يروه، رأيت جبريل عليه السّلام راكبا على فرس لا يمس شيئا إلا حيي من نبات، أو غيره، فألقي في نفسي أن أقبض من أثره قبضة، فما ألقيت منها على شيء إلا صار له روح ولحم ودم، فلما سألوك أن تجعل لهم إلها زينت لي نفسي ذلك. هذا؛ ويقرأ الفعل: «(بما لم تبصروا)» بالتاء أي:

علمت بما لم تعلموا، وفطنت لما لم تفطنوا له، وبصر من الباب الخامس كما هو مشاهد.

{فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ:} ويقرأ بالصاد، والفرق بينهما أن القبض بجميع الكف، والقبص بأطراف الأصابع، ونحوهما: الخصم، والقصم، والصاد، والضاد، تتعاقبان في كثير من الكلمات، مثل قولك: عاد إلى ضئضئه، وصئصئه؛ أي: أصله، ومناص، ومناض بمعنى:

واحد. قال تعالى: {وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} وأنقاض، وأنقاص بمعنى: واحد، ومضمض، ومصمص لسانه كلاهما بمعنى: حركه.

والمراد: بالرسول: جبريل عليه السّلام، ولعله لم يسمه باسمه؛ لأنه لم يعرف: أنه جبريل، أو أراد أن ينبه على الوقت الذي رآه فيه، وهو حين جاء جبريل إلى موسى ليبلغه الذهاب إلى جبل الطور. وهنا مضافان محذوفان؛ إذ التقدير: فقبضت قبضة من أثر حافر فرس الرسول، ومثل هذه الآية قول كلحبة العرني اليربوعي: [الطويل]

فأدرك إرقال العرادة ظلعها... وقد جعلتني من حزيمة إصبعا

فإن التقدير: جعلتني من حزيمة مقدار مسافة إصبع، وهذا البيت هو الشاهد رقم: [١٠٥٧] من كتابنا: «فتح القريب المجيب».

{فَنَبَذْتُها} أي: ألقيتها، وطرحتها في فم العجل المصنوع من ذهب، فخار. {وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي:} زينت لي ذلك نفسي، وهواي، وجاء لفظ سولت في الآية رقم [١٨] و [٨٣] من سورة (يوسف) على حبيبنا، وشفيعنا عليه ألف ألف سلام، وألف ألف صلاة، وإعظام بهذا المعنى.

الإعراب: {قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى موسى عليه السّلام. {فَما:} الفاء: زائدة لتحسين اللفظ. (ما): اسم استفهام إنكاري مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

{خَطْبُكَ:} خبره، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية مع الجملة الندائية في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى السامري. {بَصُرْتُ:} فعل، وفاعل. {بِما:} متعلقان بما قبلهما، و (ما)

<<  <  ج: ص:  >  >>