للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآية وقيل: لم يسأل، وتقديره: إن سألوك فقل؛ ولذا قرن الجواب بالفاء، بخلاف سائر السؤالات الموجودة في القرآن، فإنها سؤالات تقدمت، فورد جوابها، ولم يكن فيها معنى الشرط، فلم يذكر الفاء.

{يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً} أي: يجعلها كالرمل، أو تكون كالصوف المنفوش، كما في سورة (القارعة) ثم يرسل عليها الرياح، فيفرقها، كما يذري الطعام، ونحوه. وانظر الآية رقم [٩٧] {فَيَذَرُها} أي: يدع أماكن الجبال، أو يدع الأرض لعلمه من المقام. {قاعاً صَفْصَفاً:} أرضا مستوية ملساء، والقاع: المستوي من الأرض، والجمع: أقوع، وأقواع، وقيعان، وقيعة. هذا؛ وقيل: المعنى واحد في القاع، والصفصف، فالقاع: الموضع المنكشف، والصفصف: المستوي الأملس. قال الأعشى، وقد وصف بعد المسافة بينه وبين الممدوح الذي قصده: [المتقارب]

وكم دون بيتك من صفصف... ودكداك رمل وأعقادها

{لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً} أي: لا اعوجاجا، ولا نتوءا، لا انخفاضا، ولا ارتفاعا، لا واديا، ولا رابية. وانظر الآية رقم [٨٨] من سورة (النمل). هذا؛ وقد رأيت في الآية رقم [١] من سورة (الكهف) أن العرب خصوا العوج بكسر العين بالمعاني، وبفتحها في الأعيان، والأرض، أو الجبال هنا عين، ولكن لما استوت الأرض استواء لا يمكن أن يوجد فيها اعوجاج بوجه ما، وإن دقت الحيلة، ولطفت؛ جرت مجرى المعاني، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَيَسْئَلُونَكَ:} الواو: حرف استئناف. (يسألونك): مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون لأن من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والكاف مفعول به. {عَنِ الْجِبالِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني؛ لأن الفعل «سأل» تارة يكون لاقتضاء معنى في نفس المسئول، فيتعدى للثاني ب‍: «عن» كهذه الآية، وقد يكون لاقتضاء، مال، ونحوه، فيتعدى لاثنين صريحين، نحو سألت زيدا مالا، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {فَقُلْ:} الفاء:

زائدة على الوجه الأول: في الشرح، وهي الفصيحة على الوجه الثاني. (قل): أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {يَنْسِفُها:} مضارع، و (ها): مفعول به. {رَبِّي:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {نَسْفاً:} مفعول مطلق مؤكد لعامله، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة: {فَقُلْ..}. إلخ مستأنفة على الوجه الأول، وهي جواب شرط جازم على الوجه الثاني: في الشرح، والشرط ومدخوله كلام مستأنف، لا محل له.

{فَيَذَرُها:} مضارع، و (ها): مفعول به، والفاعل يعود إلى {رَبِّي} والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها. {قاعاً:} حال من الضمير المنصوب، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>