للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن يلحقوا أكرر، وإن يستلحموا... أشدد، وإن يلفوا بضنك أنزل

وهذا من قبيل القاعدة التي ذكرها ابن مالك رحمه الله تعالى في قوله: [الرجز]

ونعتوا بمصدر كثيرا... فالتزموا الإفراد والتّذكيرا

وقال سعيد بن جبير-رحمه الله تعالى-في معنى الضنك: يسلبه القناعة حتى لا يشبع، فمع الدين التسليم، والقناعة، والتوكل، فتكون حياة طيبة، كما قال تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً} ومع الإعراض الحرص، والشح فعيشة المعرض عن الإيمان ضنك، وحاله مظلمة، كما قال بعضهم: لا يعرض أحد عن ذكر ربه إلا أظلم عليه وقته، وتشوش عليه رزقه، وكان في عيشه ضنك. هذا؛ وقيل: المراد به: عذاب القبر. قال أبو سعيد الخدري: يضغط عليه في القبر؛ حتى تختلف أضلاعه. وقيل: هو الزقوم، والضريع، والغسلين في النار. وقيل: غير ذلك.

هذا؛ ويقرأ: «(ضنكى)» كسكرى.

{وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أعمى البصر، وهو كقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً}. وقيل: أعمى عن الحجة. وقيل: أعمى عن جهات الخير لا يهتدى إليها. وأعتمد هذا؛ وانظر الآية رقم [٧٢] و [٩٧] من سورة (الإسراء) ففيهما الشفاء الكافي لقلبك، والغذاء الوافي لروحك، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه، ولا تنس: الالتفات من المتكلم المفرد إلى المتكلم المجموع.

الإعراب: {وَمَنْ:} الواو: حرف عطف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَعْرَضَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من) تقديره: «هو». {عَنْ ذِكْرِي:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {فَإِنَّ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إنّ):

حرف مشبه بالفعل. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (إنّ) تقدم على اسمها.

{مَعِيشَةً:} اسم (إنّ) مؤخر. {ضَنْكاً:} صفة معيشة. وانظر الشرح، والجملة الاسمية: {فَإِنَّ لَهُ..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد. وانظر بقية الكلام في قوله تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ..}. إلخ في الآية السابقة، فهو مثله بلا فارق، والجملة الاسمية معطوفة عليها، فمحلها مثلها.

{وَنَحْشُرُهُ:} الواو: حرف استئناف. (نحشره): فعل مضارع، والفاعل مستتر وجوبا تقديره: «نحن»، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {يَوْمَ:} ظرف زمان متعلق بما قبله، وهو مضاف، و {الْقِيامَةِ:} مضاف إليه. {أَعْمى:} حال من الضمير المنصوب، فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>