الواو للقاف، وتحركت الواو بحسب الأصل، وانفتح ما قبلها بحسب الحال، فقلبت ألفا، فاجتمع ألفان: الألف المنقلبة، وألف الإفعال، أو الاستفعال، فحذفت ألف الاستفعال لالتقاء الساكنين، وعوض عنها التاء في الآخر، وقد يستغنى عن هذه التاء في حال الإضافة، كما في هذه الآية، وآية (النور) رقم [٣٧] فلما أضيفت؛ قام المضاف إليه مقام الهاء، فجاز حذفها، وإن لم تضف لم يجز حذفها، وكما عوضت التاء عن ألف الاستفعال في وسط المصدر، تعوض عن الواو في أول المصدر، مثل: وعد عدة، ووزن زنة، والأصل: وعد وعدا، ووزن وزنا، فحذفت الواو، وعوض عنها التاء في الآخر، فلا يجوز حذف هذه التاء؛ لأنها عوض عن واو محذوفة، فإن أضيفتا؛ أجاز الفراء حذف التاء منهما، وأنشد قول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب:[البسيط]
إنّ الخليط أجدّوا البين فانجردوا... وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
فقد قاس حذف التاء من «عدة» في حال الإضافة على حذفها من إقامة في حال إضافتها.
والجمهور اعتبروا حذفها من «عدة» شاذّا ذكر ذلك ابن هشام في أوضح المسالك، والبيت المذكور من شواهده.
الإعراب:{وَجَعَلْناهُمْ:} الواو: حرف عطف. (جعلناهم): فعل، وفاعل، ومفعوله الأول.
متعلقان به، وقيل: متعلقان بمحذوف حال. و (نا): في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل نصب صفة:{أَئِمَّةً}. وجملة:{وَجَعَلْناهُمْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {وَأَوْحَيْنا:} فعل، وفاعل. {إِلَيْهِمْ:} متعلقان بما قبلهما. {فِعْلَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الْخَيْراتِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَإِقامَ:}
معطوف على {فِعْلَ} وهو مضاف، و {الصَّلاةِ} مضاف إليه من إضافة المصدر... إلخ.
{وَإِيتاءَ الزَّكاةِ:} معطوف عليه، وهو مثله في إعرابه، وجملة:{وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها، هذا؛ وهذه الآية، بل هذه الجملة ترجح اعتبار «أن» الواقعة بعد الفعل أوحى، ونحوه مصدرية، لا مفسرة؛ لأن أصل الكلام:«أوحينا إليهم أن افعلوا الخيرات، وأن أقيموا الصلاة، وأن آتوا الزكاة» فربنا جل جلاله، قد نطق بالمصدر مسبوكا في الجمل الثلاث. تنبه له، وافهمه، فإنه جيد. {وَكانُوا:} الواو: حرف استئناف. (كانوا): ماض ناقص، والواو اسمه، والألف للتفريق. {لَنا:} متعلقان بما بعدهما. {عَبْدَيْنِ:} خبر (كان) منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، وجملة {وَكانُوا لَنا..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من واو الجماعة؛ فالمعنى لا يأباه، وتحتاج إلى تقدير «قد» قبلها، ويكون الرابط: الواو، والضمير. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.