للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول، وسابقه فيه ركاكة، ولا يلتئم مع نص القرآن، والمعتمد ما ذكرته عن الزمخشري، وانظر تفصيله تفصيلا كافيا في الآية رقم [٩٨] من سورة (يونس) فإنك تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، ويقر عينك.

{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} أي: لن نضيق عليه على حد قوله تعالى: {اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ} وقوله تعالى شأنه: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} وقيل: هو من القدر الذي هو القضاء، والحكم، أي: فظن: أن لن نقضي عليه بالعقوبة، قال قتادة، ومجاهد، والفراء: مأخوذ من القدر، وهو الحكم، دون القدرة، والاستطاعة. وقال ابن هشام: أي: فظن أن لن نؤاخذه. فعبر عن المؤاخذة بشرطها وهو القدرة عليها، وهو جيد جدا. هذا؛ ويقرأ الفعل {نَقْدِرَ} بالنون مثقلا، ومخففا، والياء مثقلا، ومخففا أيضا، كما يقرأ بالبناء للمجهول مثقلا، ومخففا قراآت كثيرة.

{فَنادى فِي الظُّلُماتِ:} المراد: ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، وقيل غير ذلك، والمعتمد هذا، روي: أن الله تعالى أوحى إلى الحوت: «لا تؤذ منه شعرة، فإني جعلت بطنك سجنه، ولم أجعله طعامك». {لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ:} يريد فيما خالف فيه من ترك المداومة على دعوة قومه، والصبر عليهم، وقيل: في الخروج من غير أن يؤذن له، ولم يكن ما حصل له عقوبة من الله تعالى؛ لأن الأنبياء لا يجوز أن يعاقبوا، وإنما كان ذلك تمحيصا، وقد يؤدب من لا يستحق العقاب كالصبيان.

روى أبو داود عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «دعاء ذي النون في بطن الحوت: {لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ} لم يدع به رجل مسلم في شيء قطّ إلاّ استجيب له». وقد قيل: إنه اسم الله الأعظم، ورواه سعد أيضا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.

والمعروف: أنه دعاء الكرب.

فائدة: خمسة من الأنبياء سموا باسمين: يعقوب، وهو إسرائيل، وعيسى، وهو المسيح، وذو النون، وهو يونس، وذو الكفل، واسمه بشر كما رأيت، ومحمد، وهو أحمد، بل ذكر للرسول صلّى الله عليه وسلّم أكثر من مئة اسم صلّى الله عليه وسلّم وعليهم أجمعين.

فائدة: قال أبو المعالي في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تفضّلوني على يونس بن متّى». المعنى: فإني لم أكن وأنا في سدرة المنتهى بأقرب إلى الله منه؛ وهو في قعر البحر في بطن الحوت، وهذا يدل على أن الباري سبحانه وتعالى ليس في جهة. وأخيرا انظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٩] من سورة (طه) بشأن حبس الهواء ومنعه عن موسى حين وضع في التابوت مع بقائه حيّا، ومثلته بوجود يونس في بطن الحوت، وبقائه حيا، إن في ذلك لعظة لقوم يتعظون.

الإعراب: {وَذَا:} معطوف على (إسماعيل) منصوب مثله، وعلامة نصبه الألف نيابة عن الفتحة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، و (ذا) مضاف، و {النُّونِ} مضاف إليه. {إِذْ:} بدل من

<<  <  ج: ص:  >  >>