للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ} قال شيخ الإسلام: ومحل ذلك إذا لم يدخل على الفعل استفهام، وإلا تعدى إلى ثلاثة مفاعيل، نحو قوله تعالى: {وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ} فالكاف مفعول به أول، والجملة الاسمية بعده سدت مسد المفعولين. انتهى.

والذي في: «الهمع» و «المغني» -قيل: وهو الأوجه-: أن الجملة الاسمية سدت مسد المفعول الثاني المتعدي إليه بالحرف، فتكون في محل نصب بإسقاط الجار، كما في: «ذكرت» أهذا صحيح أم لا؟ أي: فكرت بما ذكر. انتهى. جرجاوي، وينبغي أن تعلم: أن الفعل «أدري» هنا معلق عن العمل لفظا بوقوع «لعل» بعده، والكوفيون يجرون الترجي مجرى الاستفهام في التعليق، إلا أن النحويين لم يعدوا «لعل» من المعلقات. والحق مع الكوفيين، وهو ظاهر في هذه الآية، وفي قوله تعالى: {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكّى} وقوله جل شأنه {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ}.

فإن كان (درى) بمعنى: ختل، أي خدع كان متعديا إلى واحد بنفسه مثل: دريت الصيد، أي: ختلته، وخدعته. قال الأخطل التغلبي: [الطويل]

فإن كنت قد أقصدتني إذ رميتني... بسهمك فالرّامي يصيد ولا يدري

أي: يصيد، ولا يختل. ومثله قول الآخر: [الطويل]

فإن كنت لا أدري الظّباء فإنني... أدسّ لها تحت التّراب الدّواهيا

أي: لا أختل، وإن كانت بمعنى: حك، مثل درى رأسه بالمدرى، أي: حك رأسه بالمشط، فهي كذلك، وانظر شرح {حِينٍ} في الآية رقم [٣٩].

(متاع): انتفاع، وتلذذ، وتمتّع، واستمتع بكذا: انتفع به، والمتعة: الانتفاع، والتلذذ بالشيء، وأمتعه الله، ومتّعه بكذا بمعنى واحد، ومتاع الغرور، أي ما يغر، ويخدع، ولا يغرّ إلا ضعفاء الإيمان، وذوي النفوس المريضة، وخاب الفسقة الذين يقولون: إن متاع الغرور المذكور في كثير من الآيات هو ما تحمله المرأة في أيام حيضها من خرق، فمن أين أتوا بهذا التفسير الذي لا يقره ذوق؛ فضلا عن عدم وجوده في كتب اللغة.

الإعراب: {وَإِنْ:} الواو: حرف استئناف. (إن): نافية. {أَدْرِي:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره: «أنا». {لَعَلَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {فِتْنَةٌ:} خبر (لعل). {لَكُمْ:} متعلقان ب‍: {فِتْنَةٌ} أو بمحذوف صفة لها.

(متاع): معطوف على {فِتْنَةٌ،} وقيل: هو خبر مبتدأ محذوف: التقدير: وهو متاع، وهذه الجملة مستأنفة لا محل لها. {إِلى حِينٍ:} متعلقان بمتاع أو بمحذوف صفة له، والجملة الاسمية: {لَعَلَّهُ..}. إلخ في محل نصب سدت مسد مفعول، أو مفعولي الفعل {أَدْرِي} والجملة الفعلية: {أَدْرِي..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، أو هي معطوفة على ما قبلها، فتكون في محل نصب مقول القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>