للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال الهائلة، وصفها الله بالعظم، ولا شيء أعظم مما عظمه الله تعالى، قيل: هي من أشراط الساعة قبل قيامها. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: زلزلة الساعة قيامها، فتكون معه.

هذا؛ وانظر شرح (الناس) في الآية رقم [١] من سورة (الأنبياء)، وشرح {شَيْءٌ} في الآية رقم [٣٠] منها، وشرح {السّاعَةِ} في الآية رقم [٤٩] منها أيضا. {اِتَّقُوا:} أمر من التقوى، وهي حفظ النفس من العذاب الأخروي، بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه؛ لأن أصل المادة من الوقاية، وهي الحفظ، والتحرز من المهالك في الدنيا، والآخرة. وانظر ما وصف الله به المتقين في أول سورة (البقرة). هذا؛ وأصل {اِتَّقُوا:} «اتّقيوا» فحذفت الضمة التي على الياء للثقل، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، ثم قلبت كسرة القاف ضمة لمناسبة واو الجماعة.

الإعراب: (يا): حرف نداء ينوب مناب: «أدعو»، أو «أنادي». (أيها): نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب ب‍ (يا). و (ها): حرف تنبيه لا محل له، وأقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه. {النّاسُ:} بعضهم يعرب هذا؛ وأمثاله نعتا، وبعضهم يعربه بدلا، والقول الفصل: أن الاسم الواقع بعد «أي» واسم الإشارة، إن كان مشتقا؛ فهو نعت، وإن كان جامدا كما هنا فهو بدل، أو عطف بيان، والمتبوع أعني: «أي» منصوب محلا، فكذا التابع، أعني (الناس) وأمثاله، فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الإتباع اللفظية، وإنما أتبعت ضمة البناء مع أنها لا تتبع؛ لأنها وإن كانت ضمة بناء، لكنها عارضة، فأشبهت ضمة الإعراب، فلذا جاز إتباعها. أفاده العلامة الصبان؛ لأنه قال، والمتجه وفاقا لبعضهم: أن ضمة التابع إتباع لا إعراب، ولا بناء، وقيل: إن رفع التابع المذكور، إعراب، واستشكل بعدم المقتضي للرفع، وأجيب بأن العامل يقدر من لفظ عامل المتبوع مبنيا للمجهول، نحو يدعى، وهو مع ما فيه من التكلف، يؤدي إلى قطع المتبوع، وقيل: إن رفع التابع المذكور بناء؛ لأن المنادى في الحقيقة هو المحلى بأل، ولكن لما لم يمكن إدخال حرف النداء عليه؛ توصلوا إلى ندائه ب‍: «أي»، أي مع قرنها بحرف التنبيه، ورده بعضهم بأن المراعى في الإعراب اللفظ، وأن الأول منادى، والثاني تابع له، والإعراب السائد الآن أن تقول: مرفوع تبعا للفظ. انتهى.

هذا؛ والأخفش يعتبر «أيا» في مثل هذه الآية موصولة، و (الناس) خبرا لمحذوف، والجملة الاسمية صلة، وعائد، التقدير: «يا من هم الناس» على أنه قد حذف العائد حذفا لازما كما في قول امرئ القيس: [الطويل]

ألا ربّ يوم صالح لك منهما... ولا سيّما يوم بدارة جلجل

وما قاله الأخفش ضعيف، لا يعتد به عند جمهرة النحاة، والبيت هو الشاهد رقم [٢٤٢] من كتابنا فتح القريب المجيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>