للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في موضع نصب. ب‍: {يَدْعُوا} أي: يدعو الذي هو الضلال. ولكنه قدم المفعول، قال ابن هشام: وهذا الإعراب لا يستقيم عند البصريين؛ لأن (ذا) لا تكون عندهم موصولة إلا إذا وقعت بعد (ما) أو (من) الاستفهاميتين. انتهى. أي وهذا يجيزه الكوفيون. الثالث: أن يكون التقدير: ذلك هو الضلال البعيد يدعوه، فالجملة الفعلية في محل نصب حال، والمعنى: ذلك هو الضلال البعيد مدعوا. وقال أبو البقاء: وفيه ضعف، ولم يضعفه ابن هشام، وعلى هذه الأوجه الكلام بعده مستأنف و (من) مبتدأ، والخبر جملة: {لَبِئْسَ الْمَوْلى..}. إلخ.

الطريق الثاني: أن {يَدْعُوا} متصل بما بعده، وفيه على هذا ثلاثة أوجه أيضا: أحدها: أنّ {يَدْعُوا} يشبه أفعال القلوب؛ لأن معناه: يسمي من ضرّه أقرب من نفعه إلها، ولا يصدر ذلك إلا عن اعتقاد، فكأنه قال: يظن. والأحسن أن تقديره: يزعم؛ لأن «يزعم» قول مع اعتقاد، والثاني: أن يكون {يَدْعُوا} بمعنى يقول، و (من) مبتدأ، و (ضره) مبتدأ ثان، و (أقرب) خبره، والجملة الاسمية صلة (من)، وخبر (من) محذوف، تقديره: إله، أو إلهي، وموضع الجملة نصب بالقول، وجاء (يدعو) بمعنى «يقول» في قول عنترة: [الكامل]

يدعون عنتر والرماح كأنها... أشطان بئر في لبان الأدهم

{لَبِئْسَ..}. إلخ، مستأنف؛ لأنه لا يصح دخوله في الحكاية؛ لأن الكفار لا يقولون عن أصنامهم: لبئس المولى، والوجه الثالث: قول الفراء، وهو أن التقدير: يدعو من لضره، ثم قدم اللام على موضعها. وهذا بعيد؛ لأن ما في صلة «الذي» لا يتقدم عليها. انتهى.

بتصرف كما رأيت.

هذا؛ وقيل: إن اللام زائدة، ورده ابن هشام بقوله: وهذا مردود؛ لأن زيادة اللام في غاية الشذوذ، فلا يليق تخريج التنزيل عليه، ونقل الجمل عن السمين قوله: وزيدت اللام فيه، كما زيدت في قوله تعالى: {رَدِفَ لَكُمْ} في أحد القولين. وقرأ عبد الله: «(يدعو من ضره...)» إلخ بغير لام الابتداء، وهي مؤيدة لهذا الوجه. انتهى. هذا؛ وقال القرطبي: وقال الفراء، والكسائي، والزجاج: معنى الكلام القسم، والتأخير، أي: يدعو والله لمن ضره أقرب من نفعه، فاللام مقدمة في غير موضعها، و (من) في موضع نصب ب‍: {يَدْعُوا،} واللام جواب القسم. وضعف النحاس تأخير اللام، وقال: ليس للام من التصرف ما يوجب أن يكون فيها تقديم، ولا تأخير، وأخيرا استحسن النحّاس اعتبار {يَدْعُوا} بمعنى يقول. انتهى. بتصرف كبير. {لَبِئْسَ:} اللام: لام الابتداء، أو هي واقعة في جواب قسم محذوف. (بئس): ماض جامد دال على إنشاء الذم.

{الْمَوْلى:} فاعله، والمخصوص بالذم محذوف. والجملة الفعلية لا محل لها على الاعتبارين في اللام، والكلام مستأنف لا محل له، وجملة: {يَدْعُوا..}. إلخ بدل مما قبلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>