وانقادوا لأوامره، وأطيعوا. {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-:
المتواضعين، وقيل: المطمئنين إلى الله، وقيل: الخاشعين الرقيقة قلوبهم. وقيل: هم الذين لا يظلمون، وإذا ظلموا لا ينتصرون، وانظر صفاتهم فيما يلي.
هذا؛ وفي الآية التفات من الغيبة إلى خطاب الجمع، ومنه إلى خطاب المفرد، انظر الالتفات في الآية رقم [٣٤] من سورة (الأنبياء). هذا؛ والبشارة: عبارة عن الخبر السار الذي يظهر على بشرة الوجه أثر الفرح به، ولما كان ذلك الفرح، والسرور يوجبان تغير بشرة الوجه؛ كان كذلك الحزن، والغم يظهر أثرهما على الوجه وهو الكمودة التي تعلو الوجه عند حصول الغم والحزن، فثبت بهذا: أن البشارة لفظ مشترك بين الخبر السار، والخبر المحزن، فصح قوله تعالى في سورة (النحل): {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} ولكن قد تستعمل البشارة بالشر وبما يسوء على سبيل التهكم، والاستهزاء، كما في قوله تعالى:{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} وهو كثير في القرآن الكريم.
هذا؛ وأما {أُمَّةٍ} فهي بمعنى الجماعة، كما رأيت، ولا واحد لها من لفظها، وتكون واحدا إذا كان ممن يقتدى به، كقوله تعالى:{إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً} انظر شرح هذه الآية برقم [١٢٠] من سورة (النحل)، والأمة: الطريقة، والملة في الدين، كقوله تعالى حكاية عن قول المشركين:{إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ}. وبها فسرت الآية رقم [٩٢] من سورة (الأنبياء) وقال النابغة: [الطويل]
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة... وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع؟!
هذا؛ وكل جنس من الحيوان أمة، كقوله تعالى:{وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ} والأمة: الحين، والوقت، كقوله تعالى:{وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} أي بعد وقت، وحين.
الإعراب:{وَلِكُلِّ:} الواو: حرف استئناف. (لكل): متعلقان بالفعل بعدهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني تقدم عليه، و (كل) مضاف، و {أُمَّةٍ} مضاف إليه. {جَعَلْنا:} فعل، وفاعل. {مَنْسَكاً:} مفعول به أول، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {لِيَذْكُرُوا:} مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق، و «أن» المضمرة والمضارع في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {اِسْمَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه. {عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ} انظر الآية رقم [٢٨] ففيها الكفاية. {فَإِلهُكُمْ:} الفاء: حرف استئناف. (إلهكم):
مبتدأ. {إِلهٌ:} خبره. {واحِدٌ:} صفة (إله)، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها.
{فَلَهُ:} الفاء: هي الفصيحة: وانظر الآية رقم [٣٠]. (له): متعلقان بما بعدهما، والتقديم يفيد الاختصاص. {أَسْلِمُوا:} أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق،