للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومشجوج، ويشكون ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فيقول لهم: «اصبروا، فإني لم أؤمر بقتال». حتى هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من مكة إلى المدينة، فاعترضهم المشركون، فأذن الله لهم في قتال الكفار، وهي أول آية في القتال بعد ما نهى الله عنه في نيف وسبعين آية، وهذا الإذن من الله كان بسبب ظلم الكفار لهم، والاعتداء عليهم. هذا؛ ويقرأ الفعلان {أُذِنَ} و {يُقاتَلُونَ} بالبناء للمجهول والبناء للمعلوم.

{وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ:} هذا وعد من العلي القدير بنصر المستضعفين من المسلمين، وقد أنجز الله وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده. هذا؛ والآية الكريمة تتضمّن الإذن بالجهاد، كما رأيت، وقد حث الرسول صلّى الله عليه وسلّم عليه، وحذر من تركه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الجهاد واجب مع كلّ أمير، برّا كان أو فاجرا.

والصلاة واجبة عليكم خلف كلّ مسلم، برا كان أو فاجرا، وإن عمل الكبائر». رواه أبو داود.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «جاهدوا المشركين بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم». رواه أبو داود، والنسائي.

وعن عبد الرحمن بن جبر-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما اغبرّت قدما عبد في سبيل الله، فتمسه النّار». أخرجه البخاري. وعن معاذ بن جبل-رضي الله عنه-: أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من قاتل في سبيل الله فواق ناقة؛ فقد وجبت له الجنة. ومن سأل الله القتل من نفسه صادقا، ثمّ مات، أو قتل؛ فإنّ له أجر شهيد، ومن جرح جرحا في سبيل الله، أو نكب نكبة؛ فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت، لونها لون الزّعفران، وريحها ريح المسك». رواه أبو داود، والترمذي. وعن عبادة بن الصامت رضي الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «جاهدوا في سبيل الله، فإنّ الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنّة ينجّي الله تبارك وتعالى به من الهمّ، والغمّ». رواه أحمد.

وعن النعمان بن بشير-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصّائم نهاره، القائم ليله حتى يرجع متى رجع» رواه أحمد. وانظر ما ذكرته في (النساء) رقم [٩٥]، وفي (الأنفال) رقم [٦١]، وفي (التوبة) [١٢١] تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم بأذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله؛ سلّط الله عليكم ذلاّ لا ينزعه حتّى ترجعوا إلى دينكم». أخرجه أبو داود، وغيره. وعن ثوبان-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها».

قالوا: أمن قلّة نحن يومئذ يا رسول الله؟! قال: «بل أنتم يومئذ كثيرون، ولكنكم غثاء كغثاء السّيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوّكم المهابة منكم، وليقذفنّ في قلوبكم الوهن». قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟! قال: «حبّ الدنيا وكراهية الموت». أخرجه أبو داود، وأحمد وغيرهما.

الإعراب: {أُذِنَ:} ماض مبني للمجهول. {لِلَّذِينَ:} متعلقان بمحذوف في محل رفع نائب فاعل، وقيل: نائب الفاعل محذوف؛ إذ التقدير: أذن في القتال للذين، وهو جيد معنى، وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>