للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه، وقيل: إنهم يرثون من الكفار منازلهم فيها؛ حيث فوتوها على أنفسهم؛ لأنه تعالى جعل لكل إنسان منزلا في الجنة، ومنزلا في النار.

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الله تعالى جعل لكلّ إنسان مسكنا في الجنّة، ومسكنا في النار، فأمّا المؤمنون فيأخذون منازلهم، ويرثون منازل الكفّار، ويجعل الكفّار في منازلهم في النار». خرجه ابن ماجه بمعناه. {هُمْ فِيها خالِدُونَ} أي: لا يخرجون منها، ولا يموتون، وأنث الضمير؛ لأنه اسم من أسماء الجنة، أو المراد طبقتها العليا، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٠٧] من سورة (الكهف) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

خاتمة: قال ابن العربي-رحمه الله تعالى-من غريب القرآن: إن هذه الآيات العشر عامة في الرجال، والنساء كسائر ألفاظ القرآن التي هي محتملة لهم، فإنها عامة فيهم، إلا قوله تعالى:

{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ} فإنما خاطب بها الرجال خاصة دون الزوجات بدليل قوله تعالى:

{إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ} وإنما عرف حفظ المرأة فرجها من أدلة أخر كآيات الإحصان عموما، وخصوصا، وغير ذلك من الأدلة

أقول: وهذا شيء نوهت عنه كثيرا وذكرت: أن المدح، والثناء، والذم، والترغيب، والترهيب بلفظ المذكر يدخل تحته النساء إلحاقا؛ إذ ما من شك: أن في النساء متقيات، ومؤمنات، وصالحات، وخبيثات، وفاسقات... إلخ، والتعبير بلفظ المذكر هو من باب تغليب المذكر على المؤنث، خذ قوله تعالى في آخر سورة (التحريم) في مدح مريم: {وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ}.

الإعراب: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ:} معطوف هذا الكلام على قوله تعالى:

{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ} وهو مثله في إعرابه بلا فارق بينهما، والهاء فيهما في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لفاعله، وكذلك ما بعده معطوف عليه، وإعرابه مثل السابق.

{أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ} إعراب هذه الجملة مثل إعراب: {فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ} بلا فارق بينهما، والجملة الاسمية هنا مستأنفة، لا محل لها على جميع الوجوه المعتبرة في الموصول الأول في قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ} ما عدا الوجه الأخير. وهو اعتباره مبتدأ، فتكون هذه الجملة في محل رفع خبره. {الَّذِينَ:} هو مثل {الَّذِينَ} في الآية رقم [٢] بلا فارق، وجملة:

{يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ} صلة الموصول، لا محل لها. {هُمُ:} مبتدأ. {فِيها:} متعلقان بما بعدهما.

{خالِدُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية: {هُمْ فِيها خالِدُونَ} مستأنفة على جميع الوجوه التي تعتبر في الموصول، ما عدا اعتباره مبتدأ. فتكون هذه الجملة في محل رفع خبره، وقال أبو البقاء: الجملة حال مقدرة، إما من الفاعل، أو من المفعول، وهذا يكون على الوجوه الأولى في الموصول، وانظر أنواع الحال في الآية رقم [٧٦] من سورة (الفرقان).

<<  <  ج: ص:  >  >>