وانظر شرح {حِينٍ} في الآية رقم [٢٥]. {أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ..}. إلخ: أي: يظنون: أنّ ما نعطيهم إياه من مال، وبنين، وصحة، وعافية، وغير ذلك هو ثواب ومكافأة لهم على أعمالهم لمرضاتنا عنهم. {بَلْ لا يَشْعُرُونَ} أي: أن ذلك الإمداد، والمسارعة في الخيرات إنما هو استدراج لهم؛ لأنهم كالبهائم، لا فطنة لهم، ولا شعور.
روي عن سعيد بن ميسرة-رضي الله عنه-: أنه قال: (أوحى الله إلى نبيّ من الأنبياء: أيفرح عبدي أن أبسط له الدنيا، وهو أبعد له مني، ويحزن أن أقبض عنه الدّنيا، وهو أقرب له مني؟).
انتهى. جمل نقلا عن الخطيب.
هذا؛ و {يَشْعُرُونَ} من الشعور، وهو إدراك الشيء من وجه يدق، ويخفى، مشتق من الشعر لدقته، وسمي الشاعر شاعرا لفطنته، ودقة معرفته. هذا؛ وفي الفعل نسارع وسابقة قراآت كثيرة.
الإعراب:{فَذَرْهُمْ:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر. (ذرهم): أمر مبني على السكون، وفاعله مستتر تقديره:«أنت»، والهاء مفعول به أول. {فِي غَمْرَتِهِمْ:} متعلقان بمحذوف مفعول ثان، التقدير: ذرهم مستقرين في غمرتهم، ويجوز اعتبارهما متعلقين بالفعل قبلهما، والمفعول الثاني محذوف، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم؛ إذ التقدير: وإذا كانوا مصرين على كفرهم، وعنادهم؛ فذرهم. {حَتّى حِينٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {أَيَحْسَبُونَ:} الهمزة: حرف استفهام توبيخي. (يحسبون): مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله. (أنّ): حرف مشبه بالفعل. و (ما): اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسمها. {نُمِدُّهُمْ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره:«نحن»، والهاء مفعول به. {بِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها، والعائد: الضمير المجرور محلا بالباء. {مِنْ مالٍ:} متعلقان بمحذوف حال من الضمير العائد على الموصول، و {مِنْ} مبينة لما أبهم فيه. (بنين): معطوف على {مالٍ} مجرور مثله وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {نُسارِعُ:} مضارع، وفاعله مستتر تقديره:«نحن»، وعلى قراءته بالياء تقديره:«هو»، وعلى قراءته بالبناء للمجهول؛ فالجار والمجرور {فِي الْخَيْراتِ} نائب فاعله، وعلى قراءته بالبناء للمعلوم متعلقان به، مثل {لَهُمْ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر (أنّ)، والرابط محذوف، التقدير: نسارع لهم بهم، أو فيه، و (أنّ) واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي الفعل (يحسبون)، وهذه الجملة مستأنفة، لا محل لها. {بَلْ:} حرف إضراب انتقالي. {لا:} نافية. {يَشْعُرُونَ:} مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، والجملة الاسمية هذه معطوفة على مقدر ينسحب عليه الكلام، التقدير: كلا لا نفعل ذلك، بل هم لا يشعرون بشيء أصلا؛ لأنهم كالبهائم؛ لا فطنة لهم، ولا شعور... إلخ. انتهى. جمل.