فرقة: الضمير عائد على القرآن من حيث ذكرت الآيات، والمعنى: يحدث لكم سماع آياتي كبرا، وطغيانا، فلا تؤمنوا به. قال ابن عطية: وهذا قول جيد. وقيل: الضمير للتكذيب. والقول الأول أولى بالاعتبار.
{سامِراً:} معناه: سمارا، فهو في الأصل مصدر جاء على لفظ الفاعل، كالعافية، والعاقبة، والكاذبة، وقرئ: «(سمّرا)» و «(سمّارا)» جمع: سامر، ومثله قول امرئ القيس: [الطويل]
فقالت سباك الله إنّك فاضحي... ألست ترى السّمّار والناس أحوال؟!
وقيل: هو مفرد بمعنى الجمع كالحاضر، وهم القول النازلون على الماء، والباقر: جمع البقر، والجامل جمع: الإبل ذكورها، وإناثها، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} أي:
أطفالا، الآية رقم [٥] من سورة (الحج). وفحوى الآية: أن كفار قريش كانوا يقضون ليلهم حول الكعبة، وكان عامة سمرهم في الليل ذكر القرآن، وتسميته: سحرا، وشعرا، وكهانة، ونحو ذلك من القول، وفي النبي صلّى الله عليه وسلّم وقولهم فيه: هو ساحر، شاعر، كاهن، ونحو ذلك.
{تَهْجُرُونَ:} من الإهجار، وهو: الإفحاش في القول، وهو يؤيد قراءة الفعل بضم التاء وكسر الجيم، من: أهجر الرباعي، أو هو من الهجر بمعنى الإعراض عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعن الإيمان به، وعن الإيمان بالقرآن، وهو يؤيد قراءة الفعل بفتح التاء، وضم الجيم من: هجر الثلاثي، وقيل: هو بمعنى: تهذون وتقولون ما لا تعلمون، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب: {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {كانَتْ:} ماض، والتاء للتأنيث. {آياتِي:} اسم (كان) مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة. {تُتْلى:} مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، ونائب الفاعل يعود إلى {آياتِي،} والجملة الفعلية في محل نصب خبر (كان). {عَلَيْكُمْ:} متعلقان بما قبلهما، وجملة: {قَدْ كانَتْ..}. إلخ تعليل لعدم النصر.
(كنتم): ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه. {عَلى أَعْقابِكُمْ:} متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة بعدهما، والكاف في محل جر بالإضافة، وجملة: «تنكصون على أعقابكم»:
في محل نصب خبر (كان)، وجملة: {فَكُنْتُمْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها.
{مُسْتَكْبِرِينَ:} حال من واو الجماعة منصوب، وعلامة نصبه... إلخ. {بِهِ:} متعلقان بما قبلهما، أو بما بعدهما، والمعنى جيد على الاعتبارين. {سامِراً:} حال ثانية، وجملة:
{تَهْجُرُونَ} في محل نصب حال ثالثة من واو الجماعة، فهي أحوال متكررة مترادفة، ويجوز اعتبار الثلاثة أحوالا متداخلة، كل واحدة حال من الضمير المستتر فيما قبلها. تأمل، وتدبر.