للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن أين أوتيهم؟ فيقول الرب للملائكة: خذوا من حسناته، فأعطوا كل إنسان بقدر طلبته، فإن كان وليا لله فضلت من حسناته مثقال حبة من خردل، فيضاعفها الله تعالى حتى يدخله بها الجنة، ثم قرأ ابن مسعود-رضي الله عنه-قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} الآية رقم [٤٠] من سورة (النساء)، وإن كان شقيّا؛ قالت الملائكة: ربّنا فنيت حسناته، وبقي طالبون، فيقول الله تعالى: «خذوا من أعمالهم، فأضيفوها إلى سيئاته، وصكوا له صكّا إلى جهنم». انتهى. خازن، وقرطبي بتصرف، ولا تنس: أن التعبير بالماضي عن المستقبل في هذه الآية، وأمثالها، إنما هو لتحقيق وقوع الأمر المحدّث عنه، وهو كثير في القرآن.

وفي رواية عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنها النفخة الثانية، ومعنى {فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ} أي: لا يتفاخرون بالأنساب يومئذ، كما كانوا يتفاخرون بها في الدنيا، ولا يتساءلون سؤال تواصل، كما كانوا يتساءلون في الدنيا: من أنت؟ ومن أي قبيلة أنت؟ ولم يرد: أن الأنساب تنقطع.

هذا؛ وقد قال الله في سورة (الطور) رقم [٢٥]: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ} وقال في سورة (الصافات) رقم [٢٧]: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ} أقول: فآية (الطور) تنص على أن التساؤل إنما يكون في الجنة بلا ريب بدليل الآيات التي قبلها، والتي بعدها، وأما آية (الصافات) فهي تنص على أن التساؤل إنما يكون في يوم القيامة بدليل قوله تعالى قبلها بآيتين:

{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ} وهي تعارض الآية التي نحن بصدد شرحها، وقد قال ابن عباس-رضي الله عنهما-في حل هذا التعارض: إن للقيامة أحوالا، ومواطن، ففي موطن يشتد عليهم الخوف، فيشغلهم عظم الأمر عن التساؤل، فلا يتساءلون، وفي موطن يفيقون إفاقة، فيتساءلون.

انتهى.. خازن.

الإعراب: {فَإِذا:} الفاء: حرف استئناف. (إذا): انظر الآية رقم [٧٧]. {نُفِخَ:} ماض مبني للمجهول. {فِي الصُّورِ:} في محل رفع نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على القول المشهور المرجوح. {فَلا:} الفاء: واقعة في جواب (إذا). (لا): نافية للجنس تعمل عمل «إن». {أَنْسابَ:} اسم (لا) مبني على الفتح في محل نصب. {بَيْنَهُمْ:}

ظرف مكان متعلق بمحذوف في محل رفع خبر (لا)، والجملة الاسمية جواب (إذا) لا محل لها. {يَوْمَئِذٍ:} (يوم): ظرف زمان متعلق بالخبر المحذوف الذي هو متعلق الظرف قبله، أو بمحذوف خبر ثان. و (إذ) ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل جر بالإضافة، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له. {وَلا:} الواو:

حرف عطف. (لا): نافية. {يَتَساءَلُونَ:} مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على الجملة الاسمية، لا محل لها مثلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>