للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشددة، ويقرأ بقراآت كثيرة. والمعنى: يروي حديث الإفك بعضكم عن بعض، وذلك: أن الرجل منهم كان يلقى الرجل، فيقول: بلغني كذا، وكذا، فينقله الآخر، إلى غيره بدون تروّ، وتعقّل.

هذا؛ و (ألسنتكم): جمع: لسان، ويجمع أيضا على: لسن بضم اللام، وضم السين، وتسكينها أيضا، وهو على هذا مؤنث كذراع، وأذرع، والأول مذكر، كحمار، وأحمرة، وتصغيره على التذكير: لسين، وعلى التأنيث: لسينة، وقد يجعل اللسان كناية عن كلمة السوء، كما في قول الشاعر: [الوافر]

لسان السّوء تهديها إلينا... وحنت، وما حسبتك أن تحينا

فيؤنث لا غير، كما يجعل كناية عن الرسالة، أو عن القصيدة من الشعر كقول الآخر: [المتقارب]

أتتني لسان بني عامر... فجلّى أحاديثها عن بصر

وقد أطلقه الله على القرآن الكريم بكامله مع التذكير في قوله في سورة (النحل) الآية رقم [١٠٣] حيث قال جل ذكره: {وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} كما أطلقه على الثناء الجميل، والذكر الحسن في قوله: {وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} الآية رقم [٥٠] من سورة (مريم) على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام.

{وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} أي: من غير أن تتأكدوا من صحته، وتعلموا: أنه حق، وإنما قيد بالأفواه؛ مع أن القول لا يكون إلا بالفم؛ لأن الشيء المعلوم يكون علمه في القلب، ثم يترجم عنه اللسان، والإفك الذي تكلموا فيه ليس إلا قولا يدور في أفواههم من غير ترجمة عن علم به في القلب، كقوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} رقم [١٦٧] من سورة (آل عمران).

هذا؛ وجمع (أفواهكم) على الأصل؛ لأن الأصل في فم: فوه، مثل: حوض، وأحواض.

{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً:} تظنون ما تكلمتم به سهلا، لا إثم فيه، ولا حرج. هذا؛ وإعلال «هيّن» مثل إعلال «ميّت» في الآية رقم [١٥] من سورة (المؤمنون). هذا؛ و «حسب» من باب: تعب في لغة جميع العرب، إلا بني كنانة، فإنهم يكسرون المضارع مع كسر الماضي أيضا على غير قياس، فيكون من الباب السادس. ويقرأ (تحسبونه) بفتح السين، وكسرها، والمصدر: الحسبان بكسر الحاء، وحسبت المال حسبا من باب: قتل بمعنى: أحصيته عددا. {وَهُوَ} أي: الإفك الذي تكلموا به. {عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ:} كبيرة من الكبائر. وهذا مثل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في حديث القبرين: «إنهما ليعذّبان، وما يعذّبان في كبير». أي بالنسبة إليكم. هذا؛ وقد جزع بعضهم عند الموت، فقيل له ذلك، فقال: أخاف ذنبا لم يكن مني على بال، وهو عند الله عظيم، ومعنى {عِنْدَ اللهِ:} في حكمه وشريعته.

الإعراب: {إِذْ} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بأحد الفعلين: (مسكم) أو {أَفَضْتُمْ}. هذا؛ وإن اعتبرتها حرف تعليل لما قبلها؛ فالمعنى لا يأباه.

{تَلَقَّوْنَهُ:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو فاعله، والهاء مفعول به،

<<  <  ج: ص:  >  >>