لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا ب:«إذا» الفجائية، والجملة الشرطية:{إِنْ شاءَ جَعَلَ..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها، وجملة:{تَبارَكَ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، أو مستأنفة. {جَنّاتٍ:} بدل من {خَيْراً} منصوب مثله، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {تَجْرِي:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل. {مِنْ تَحْتِهَا:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (ها): في محل جر بالإضافة. {الْأَنْهارُ:}
فاعل {تَجْرِي،} والجملة الفعلية هذه في محل نصب صفة {جَنّاتٍ}. {وَيَجْعَلْ:} الواو: حرف عطف. (يجعل): مضارع معطوف على جواب الشرط، وهو {جَعَلَ} أي: على محله. هذا؛ ويقرأ بالرفع، وفيه وجهان: أحدهما: أنه مستأنف، والثاني: أنه معطوف على جواب الشرط، وقال الزمخشري: لأن الشرط إذا وقع ماضيا جاز في جوابه الجزم، والرفع، وقال: وليس هذا مذهب سيبويه، بل مذهبه أن الجواب محذوف، وأن هذا المضارع منوي به التقديم، ومذهب المبرد والكوفيين: أنه جواب على حذف الفاء، ومذهب آخرين: أنه جواب لا على حذفها، بل لما كان الشرط ماضيا ضعيف تأثير:{إِنْ} فيه، فارتفع. قلت: فالزمخشري بنى قوله على هذين المذهبين. ثم قال الشيخ: وهذا التركيب جائز فصيح، وزعم بعض أصحابنا أنه لا يجيء إلا في الضرورة. انتهى. جمل نقلا عن السمين.
هذا؛ وذكر الزمخشري قول زهير بن أبي سلمى المزني في مدح هرم بن سنان:[البسيط]
وإن أتاه خليل يوم مسغبة... يقول لا غائب مالي ولا حرم
وقايس بينه وبين الآية، ولا وجه له؛ لأن الجواب في الآية مذكور، وفيها عطف (يجعل) على الجواب، والجواب في البيت غير مذكور، لذا قيلت فيه الأقوال الكثيرة، وأوّل التأويلات المتعددة. وينبغي أن تعلم أن بيت زهير هو الشاهد رقم [٧٨٧] من كتابنا فتح القريب المجيب، انظر شرحه وإعرابه وما قيل فيه هناك؛ تجد ما يسرك. هذا؛ ولم يقرأ الفعل (يجعل) بالنصب، ولو قرئ؛ لطبقت القاعدة المشهورة عليها، وهي:«إذا عطف على جواب الشرط مضارع بالواو، أو بالفاء جاز جزمه، ورفعه، ونصبه» وآية البقرة رقم [٢٨٣] هي التي طبقت القاعدة المذكورة عليها لقراءة الفعل (فيغفر) بالأوجه الثلاثة، وإذا عطف بالواو أو بالفاء مضارع على فعل الشرط جاز جزمه ونصبه، ويمتنع الرفع. قال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته مقررا القاعدتين المذكورتين:[الرجز]
والفعل من بعد الجزا إن يقترن... بالفاء، أو الواو بتثليث قمن
وجزم أو نصب لفعل إثر فا... أو واو ان بالجملتين اكتنفا
وفاعل (يجعل) يعود إلى (الله) تعالى. {لَكَ:} متعلقان بما قبلهما، وقيل: هما في محل المفعول الثاني. {قُصُوراً:} مفعول به.