هذا؛ وانظر ما ذكرته في حق الزاني، وبشاعة الزنى في الآية رقم [٢] من سورة (النور)، والآية رقم [٣٢] من سورة (الإسراء)، والآية رقم [٥] من سورة (المؤمنون)، وانظر ما ذكرته في حق قاتل النفس بغير حق في الآية رقم [٣٣] من سورة (الإسراء)، وانظر شرح (دعا) في الآية رقم [١١٠] منها أيضا، وشرح (النفس) في الآية رقم [٣٥] من سورة (الأنبياء).
{وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ:} الإشارة إلى الثلاثة المذكورة: الشرك، وقتل النفس، والزنى. والوعيد، والتهديد لا يتوقفان على فعل الثلاثة، بل المراد، -والله أعلم-: ومن يفعل شيئا من ذلك يلق أثاما؛ لأن كل واحد من الثلاثة كبيرة من الكبائر تستوجب العقاب الشديد، والعذاب الأليم في نار الجحيم، و (الأثام) في كلام العرب: العقاب بوزن الوبال، والنكال، ومنه قول الشاعر:[الوافر]
جزى الله ابن عروة حيث أمسى... عقوقا، والعقوق له أثام
أي: جزاء، وعقوبة. وقال عبد الله بن عمرو، وعكرمة ومجاهد-رضي الله عنهم-: إن {أَثاماً} واد في جهنم، جعله الله عقابا للكفرة، قال الشاعر:[المتقارب]
لقيت المهالك في حربنا... وبعد المهالك تلقى أثاما
وقال السدي: هو جبل في جهنم، قال الشاعر:[الوافر]
وكان مقامنا ندعو عليهم... بأبطح ذي المجاز له أثام
هذا؛ والحق الذي تقتل به النفس هو واحد من ثلاثة أمور بيّنها النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله:«لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّي رسول الله إلاّ بإحدى ثلاث: الثيّب الزّاني، والنّفس بالنّفس، والتّارك لدينه المفارق للجماعة». أخرجه الخمسة ما عدا ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-.
الإعراب:{وَالَّذِينَ:} الواو: حرف عطف. (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع معطوف على ما قبله. {لا:} نافية. {يَدْعُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. {مَعَ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، وتعليقه بمحذوف حال من (إلها) ضعيف، و {مَعَ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {إِلهاً:} مفعول به. {آخَرَ:} صفة له، وجملة:{لا يَدْعُونَ..}. إلخ صلة الموصول لا محل لها، وجملة:{وَلا يَقْتُلُونَ..}. إلخ معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. {الَّتِي:} اسم موصول مبني على السكون صفة: {النَّفْسَ،} وجملة: {حَرَّمَ اللهُ} صلة: {الَّتِي،} والعائد محذوف، التقدير: حرم الله قتلها. {إِلاّ:} حرف حصر. {بِالْحَقِّ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير المنصوب المقدر، أي: إلا مقتولة بالحق، وجملة:{وَلا يَزْنُونَ} معطوفة على جملة الصلة لا محل لها. {وَمَنْ:} الواو: واو الاعتراض، وقيل: حرف عطف.