للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشفيعا، ورسولا، {وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً} أي: يرضي الله، ورسوله؛ بأن صلى، وصام، وحج، وزكى، وعمل أنواع البر والخيرات، فقد شرط الله لقبول التوبة الإيمان الصحيح، والعمل الصالح، وكلّ منهما احتراس يفيد عدم قبول التوبة إلا بوجودهما معا. ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (طه) رقم [٨٢]. {وَإِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى} هذا؛ والتوبة المقبولة هي التوبة النصوح التي ذكرها الله في سورة (التحريم) ولها شروط: الندم بالجنان، والاستغفار باللسان، والإقلاع بالأركان، ورد الحقوق لأصحابها بحسب الإمكان. وانظر نص الآيتين رقم [١٧] و [١٨] من سورة (النساء).

{فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ:} معنى إبدال السيئات حسنات: أن الله يمحوها بالتوبة المقبولة، ويثبت مكانها الحسنات: الإيمان، والطاعة، والتقوى. وقيل: يبدلهم بالشرك إيمانا، وبقتل المسلمين قتل المشركين، وبالزنى عفة وإحصانا. وقيل: يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة، ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم، أو يبدل ملكة المعصية ودواعيها في النفس بملكة الطاعة بأن يزيل الأولى، ويأتي بالثانية مكانها. هذا؛ وقد قال الله تعالى في سورة (هود): {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ}. وقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ-رضي الله عنه-: «اتّق الله حيثما كنت، وأتبع السّيّئة الحسنة تمحها، وخالق النّاس بخلق حسن». {وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً:} انظر الآية رقم [٦].

هذا؛ وقد أفرد الضمير في الأفعال الثلاثة، وجمع اسم الإشارة العائد إلى (من) وأفرد الضمير في الأول مراعاة للفظ (من)، وجمع في الثاني مراعاة لمعناها.

الإعراب: {إِلاّ:} أداة استثناء. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب على الاستثناء من فاعل (يلقى) العائد إلى {مَنْ} الأولى. {تابَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {مَنْ،} وهو العائد، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها، وجملة: (آمن) مع المتعلق المحذوف معطوفة عليها، لا محل لها مثلها، وكذلك جملة: {وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً}. و {عَمَلاً} مفعول به، أو هو مفعول مطلق معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. {فَأُوْلئِكَ:} الفاء: حرف تفريع، واستئناف. (أولئك): اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب لا محل له. {يُبَدِّلُ:} فعل مضارع. {اللهُ:} فاعله.

{سَيِّئاتِهِمْ:} مفعول به أول. {حَسَناتٍ:} مفعول به ثان، فهما منصوبان، وعلامة نصبهما الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنهما جمعا مؤنث سالمان، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة:

{يُبَدِّلُ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {فَأُوْلئِكَ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها مفرعة، ومستأنفة، وهذا الإعراب يجعل هذه الجملة غير مرتبطة بما قبلها؛ لذا فالوجه اعتبار: {مَنْ} مبتدأ، والجملة الاسمية: {فَأُوْلئِكَ..}. إلخ في محل رفع خبره، والفاء زائدة لتحسين اللفظ، ومضمون الجملة الاسمية: {إِلاّ مَنْ تابَ..}. إلخ مستثنى من مضمون الكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>