للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن لا جواب لكم فوق ذلك، لا ينههم أولا، ثم لما رأى شدة شكيمتهم، خاشنهم وعارضهم بمثل مقالتهم. انتهى. بيضاوي.

هذا؛ وإنك لترى: أن موسى على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، قد تدرج معهم في الجواب، وإلقاء الحجج وطرح الأدلة على وجود الصانع الحكيم من قوله: {رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} إلى قوله: {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} إلى قوله: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ..}. إلخ، وختم الآية الأولى بقوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ،} وختم الثالثة بقوله: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ،} وهذا التدرج معهم كان من الملاينة إلى الغلظة، كما رأيت. هذا؛ وانظر شرح «العقل» في الآية رقم [١٠] من سورة (الأنبياء).

تنبيه: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ:} يريد بهما ناحيتي الأرض، أي له سبحانه الأرض كلها، لا يختص به مكان دون مكان. هذا؛ وقد قال سبحانه في سورة (الرحمن): {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} أي: مشرقي الشتاء والصيف ومغربهما، أو مشرقي الشمس والقمر ومغربهما، وقال تعالى: في سورة (المعارج) وغيرها: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنّا لَقادِرُونَ}. فقد جمع المشرق والمغرب، كما ترى باعتبار مشارق الشمس ومغاربها في السنة، وهي ثلاثمئة وستون، تشرق كل يوم في واحد منها، وكذا تغرب في واحد منها، وكان من حق المشرق، والمغرب فتح العين، وهي الراء؛ لأن المصدر الميمي، واسمي الزمان والمكان إذا أخذ أحدها من فعل ثلاثي مفتوح العين، أو مضمومها في المضارع أن يكون بفتح العين قياسا، ولكن التلاوة جاءت بكسرها، وأيضا جاء كثير بكسر العين، وهو مذكور في كتب النحو، من ذلك: المسجد، والمنبت، والمسقط، والمرفق، والمنحر، والمجزر، والتحقيق: أنها أسماء نوعية، غير جارية على فعلها، وإلا فلا مانع من الفتح. هذا؛ وتقديم المشرق على المغرب، بجميع تصاريفه إيماء بأفضليته على المغرب. ولا تنس المطابقة بين المشرق والمغرب، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {قالَ:} فعل ماض، والفاعل تقديره: «هو»، يعود إلى {مُوسى} عليه السّلام، {رَبُّ:} خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: رب العالمين رب، وهو مضاف، و {الْمَشْرِقِ} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، {وَالْمَغْرِبِ:} معطوف على ما قبله، (ما): اسم موصول مبني على السكون في محل جر معطوف على: {الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ،} {بَيْنَهُما} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والميم والألف حرفان دالان على التثنية. {إِنْ:} حرف شرط. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء اسمه، والميم حرف دال على جماعة الذكور.

{تَعْقِلُونَ:} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو فاعله، والمفعول محذوف، والجملة الفعلية في محل نصب خبر (كان)، وجملة: {كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} لا محل لها؛

<<  <  ج: ص:  >  >>