{وَإِنَّهُ:} هذا الضمير يحتمل عوده على القرآن الكريم، وعوده على النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يتقدم له ذكر أيضا. {لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ:} فعلى الاعتبار الأول بعود الضمير يكون المعنى، إن هذا القرآن مثبت ذكره في سائر الكتب السماوية المتقدمة. وقيل: إن معانيه فيها، وفيه دليل للحنفية على أن القرآن قرآن، ولو ترجم بغير العربية، فيكون دليلا على جواز قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة، وعلى الاعتبار الثاني بعود الضمير يكون المعنى: إن ذكر محمد صلّى الله عليه وسلّم مثبت في الكتب المتقدمة، كما قال تعالى في سورة (الأعراف): {يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ}.
هذا؛ وانظر ما ذكرته في {الرُّوحُ} في الآية رقم [٨٥] من سورة (الإسراء)، وشرح:
(اللسان) في الآية رقم [٨٤]، وشرح {الْأَوَّلِينَ} في الآية رقم [٥] من سورة (الفرقان)، وإعلال {مُبِينٍ} في الآية رقم [٢]. هذا؛ والزبر: الكتب جمع: زبور، وهو الكتاب المقصور على الحكم، والمواعظ، من: زبرت الشيء: إذا حبسته. وقيل: الزبور: المواعظ والزواجر من وعظته: إذا زجرته، والمراد هنا جميع الكتب التي نزلت على المرسلين، فإنها جميعها بشرت بمحمد صلّى الله عليه وسلّم وبأمته، ونوهت بشأن القرآن الكريم، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{وَإِنَّهُ:} الواو: حرف استئناف. (إنه): حرف مشبه بالفعل، والهاء ضمير متصل في محل نصب اسمها. {لَتَنْزِيلُ:} اللام: هي المزحلقة. (تنزيل): خبر (إنّ)، و (تنزيل) مضاف، و {رَبِّ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله، و {رَبِّ} مضاف، و {الْعالَمِينَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية:{وَإِنَّهُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {نَزَلَ:} فعل ماض. {بِهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من {الرُّوحُ} الذي هو فاعله. {الْأَمِينُ:} صفة له. هذا؛ وقد قرئ بتشديد الزاي، ونصب:(الرّوح الأمين)، فيكون الفاعل ضميرا مستترا يعود إلى:{رَبِّ الْعالَمِينَ،} وعليه؛ فالجملة الفعلية في محل نصب حال من:{رَبِّ الْعالَمِينَ،} وعلى الأول؛ فالجملة الفعلية في محل نصب حال من:(تنزيل رب)، والرابط على الاعتبارين الضمير فقط.
{عَلى قَلْبِكَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل: {نَزَلَ،} والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {لِتَكُونَ:} فعل مضارع ناقص منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:«أنت». {مِنَ الْمُنْذِرِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (تكون)، و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {نَزَلَ}. {بِلِسانٍ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل: {نَزَلَ،} أو ب {الْمُنْذِرِينَ} حسب ما رأيت فيما تقدم في الشرح، وأجيز اعتبارهما بدلا من قوله:{بِهِ} بإعادة الجار. {عَرَبِيٍّ مُبِينٍ:}