وهذا الأبيات هي الشاهد رقم [٧٩٢] من كتابنا فتح الكريم الواسع إعراب شواهد همع الهوامع، ثم اعلم: أن «عند» أمكن من «لدى» من وجهين: أحدهما: أنها تكون ظرفا للأعيان، والمعاني، تقول: هذا القول عندي صواب، وعند فلان علم به، ويمتنع ذلك في:«لدى». ذكره ابن الشجري في أماليه، ومبرمان في حواشيه. والثاني: أنك تقول: عندي مال وإن كان غائبا، ولا تقول: لديّ مال (إلا إذا كان حاضرا). قاله جماعة.
الإعراب:{وَأَلْقِ:} الواو: حرف عطف. (ألق): فعل أمر، وفاعله مستتر، تقديره:«أنت»، {عَصاكَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، والكاف: ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:{بُورِكَ..}. إلخ على جميع الوجوه المعتبرة فيها؛ إذ التقدير: نودي أن بورك... وأن ألق، ويدل عليه قوله:{أَنْ يا مُوسى}
{وَأَنْ أَلْقِ} إلخ سورة (القصص) رقم [٣٠][٣١] ويكون ما بينهما كلاما معترضا، وقال الجمل نقلا عن السمين: الجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها من الجملة الاسمية الخبرية، وقد تقدم: أن سيبويه لا يشترط تناسب الجمل، وأنه يجيز: جاء زيد، ومن أبوك؟ وقاله هنا بدون ذكر (أن) وفي القصص بذكرها؛ لأن ما هنا تقدمه فعل بعد {أَنْ،} وهو {بُورِكَ،} فحسن عطف الفعل عليه، وما هناك لم يتقدمه فعل بعد (أن)، فذكرت (أن) لتكون جملة (أن ألق) معطوفة على جملة: {أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ}. انتهى. أقول: وهذا الكلام يؤيد الوجه الأول في العطف.
تأمل.
{فَلَمّا:} انظر الآية رقم [٨]، {رَآها:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل ضمير مستتر، يعود إلى {مُوسى،} و (ها): مفعول به، والجملة الفعلية يقال فيها ما قلته بجملة:{جاءَها،}{تَهْتَزُّ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى «العصا» تقديره: هي، والجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير المنصوب، والرابط: الضمير فقط، ولا يجوز اعتبار الجملة مفعولا ثانيا ل:(رأى) لأنه بصري، لا قلبي. {كَأَنَّها:} حرف مشبه بالفعل، و (ها):
ضمير متصل في محل نصب اسمها. {جَانٌّ:} خبرها، والجملة الاسمية في محل نصب حال من فاعل {تَهْتَزُّ} المستتر، والرابط: الضمير فقط، وهي حال متداخلة، أو هي حال ثانية من الضمير المنصوب. {وَلّى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف، والفاعل يعود إلى (موسى)، {مُدْبِراً:} حال منه، والجملة الفعلية جواب (لما)، لا محل لها. {وَلَمْ:} الواو: واو الحال، (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم، {يُعَقِّبْ:} فعل مضارع مجزوم ب (لم)، والفاعل يعود إلى (موسى) أيضا، والجملة الفعلية في محل نصب حال من فاعل {وَلّى،} والرابط: الواو،