{فِي تِسْعِ آياتٍ:}{فِي} بمعنى «مع» قاله جماعة، فتكون الآيات-أي: المعجزات-إحدى عشرة، منها اثنتان: اليد، والعصا، والتسع: الفلق، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والطمس، والجدب في بواديهم، والنقصان في مزارعهم. هذا؛ وقيل:{فِي} بمعنى «من» وهو قول ابن عطية. والأول قول الزجاج، وجماعة، وعليه: فاليد، والعصا من جملة التسع، وعليه؛ فالأخيران آية واحدة، والفلق ليس من التسع؛ لأنه حصل، ووقع فيه هلاك فرعون وجنوده. وانظر شرح هذه الآيات في محالها من سورة (الأعراف)، وسورة (يونس)، وسورة (الشعراء) إن أردت تفصيله.
{إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ} أي: خارجين عن طاعة الله، وفيه إشارة خفية إلى أن فسوقهم كان بتقدير الله وقضائه عليهم، وعلمه الأزلي بأنهم لو تركوا وشأنهم؛ لما اختاروا غير الكفر، والعناد، والخروج عن طاعة الله تعالى. وانظر ما ذكرته عن الزمخشري في الآية رقم [١٧] من سورة (الفرقان) والإشارة الخفية مفهومة من التعبير بالماضي.
هذا؛ و {فاسِقِينَ} جمع فاسق، وأصل الفسق: الخروج عن القصد، والفاسق في الشرع:
الخارج عن أمر الله تعالى بارتكاب الكبيرة، وله ثلاث درجات: الأولى: التغابي، وهو أن يرتكب الكبيرة أحيانا مستقبحا إياها. والثانية: الانهماك، وهو أن يعتاد ارتكابها غير مبال بها. والثالثة:
الجحود، وهو أن يرتكبها مستصوبا إياها. فإذا شارف هذا المقام، وتخطى خططه؛ خلع ربقة الإيمان من عنقه، ولا بس الكفر، وما دام في درجة التغابي، أو الانهماك؛ فلا يسلب عنه اسم المؤمن؛ لا تصافه بالتصديق؛ الذي هو مسمى الإيمان. انتهى. بيضاوي. في غير هذا الموضع.
الإعراب:{وَأَدْخِلْ:} الواو: حرف عطف، (أدخل): فعل أمر معطوف على (ألق)، وفاعله مستتر تقديره:«أنت». {يَدَكَ:} مفعول به، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {فِي جَيْبِكَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والكاف في محل جر بالإضافة. {تَخْرُجْ:} فعل مضارع مجزوم لوقوعه في جواب الأمر، والفاعل يعود إلى:{يَدَكَ}. {بَيْضاءَ:} حال من الفاعل المستتر. {مِنْ غَيْرِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال أخرى من الفاعل المستتر، أو من الضمير المستتر في:{بَيْضاءَ،} أو بمحذوف صفة: {بَيْضاءَ،} أو هما متعلقان ب: {بَيْضاءَ} نفسها، وجملة:{تَخْرُجْ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها جواب شرط مقدر قبل (أدخل) ولم تقترن بالفاء، ولا ب:«إذا» الفجائية.
{فِي تِسْعِ:} قال السمين: فيه أوجه: أحدها: أنه حال ثالثة من فاعل {تَخْرُجْ}. قاله أبو البقاء، واختاره الجلال، أي: آية في تسع آيات، وأراد بالحالين: الأولى والثانية قوله:
{بَيْضاءَ،} وقوله: {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} في الآية السابقة. الثاني: أنها متعلقة بمحذوف؛ أي اذهب في تسع، وهو اختيار الزمخشري. الثالث: أن يتعلق بقوله: {وَأَلْقِ عَصاكَ،}{وَأَدْخِلْ يَدَكَ،} أي:
في جملة:{تِسْعِ آياتٍ}. انتهى. بتصرف. وهذا على قول ابن عطية، والزجاج في تفسير: