شاء الله تعالى. هذا؛ وأوزعه، يوزعه: أغراه يغريه. قال النابغة الذبياني في وصف ثور وحشي، وذلك من معلقته البيت رقم [١٤]: [البسيط]
فهاب ضمران منه حيث يوزعه... طعن المعارك عند المجحر النّجد
قال محمد بن كعب القرظي-رضي الله عنه-: كان معسكر سليمان-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-مئة فرسخ، خمسة وعشرون منها للإنس، وخمسة وعشرون للجن، وخمسة وعشرون للوحش، وخمسة وعشرون للطير، والفرسخ اثنا عشر ألف خطوة، فالبريد ثمانية وأربعون ألف خطوة، وكان يوضع كرسيه في وسطه، فيقعد؛ وحوله كراسي الذهب، والفضة، فيقعد الأنبياء على كراسي الذهب، والعلماء على كراسي الفضة، والناس حوله، والجن، والشياطين حول الناس، والوحوش حولهم، وتظله الطير بأجنحتها حتى لا تقع عليه الشمس، وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب، فيها ثلاثمئة منكوحة، يعني: حرة، وسبعمئة سرّيّة، فيأمر الريح العاصف، فيرفع البساط، ثم يأمر الرخاء، فتسير به، والأول مذكور في الآية رقم [٨١] من سورة (الأنبياء):
{وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ..}. إلخ، والثاني مذكور في الآية رقم [٣٦] من سورة ص: {فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ}. وأوحى الله إليه، وهو يسير بين السماء والأرض أني قد زدت في ملكك: أنه لا يتكلم أحد من الخلائق بشيء إلا جاءت الريح، وأخبرتك به.
فيحكى: أنه مرّ بحرّاث، فقال: لقد أوتي آل داود ملكا عظيما، فألقته الريح في أذنه، فنزل، ومشى إلى الحراث، وقال: إنما مشيت إليك لئلا تتمنى ما لا تقدر عليه. ثم قال له:
لتسبيحة واحدة يقبلها الله خير مما أوتي آل داود. انتهى. من الخازن، والقرطبي، والكشاف بتصرف. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٨١] و [٨٢] من سورة (الأنبياء) إن أردت الزيادة، وقد أنكر عبد الوهاب النجار ما ذكره المفسرون من سعة البساط المذكور، وقصر ملك داود، وسليمان على البلاد الشامية، وهذا لم يقله أحد غيره فيما أعلم. وإذا عرفنا: أن سليمان كان أحد أربعة ملكوا الدنيا، وهم إسكندر ذو القرنين، والنمرود، وشداد بن عاد، وقرأنا ما ذكره الله حكاية من قوله:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي؛} لا يبقى لما قاله وجه.
الإعراب:{وَحُشِرَ:} الواو: حرف عطف. (حشر): فعل ماض مبني للمجهول.
{لِسُلَيْمانَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون. {جُنُودُهُ:} نائب فاعل: (حشر)، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها من جمل، لا محل لها أيضا، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {مِنَ الْجِنِّ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من {جُنُودُهُ}. {وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ:}
معطوفان على {الْجِنِّ}. {فَهُمْ:} الفاء: حرف عطف، وتعقيب. وقيل: الفاء الفصيحة، ولا وجه له قطعا. (هم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُوزَعُونَ:} فعل