وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ومن بعدهم من النبيين، فإن قيل: درجات الأنبياء أفضل من درجات الصالحين، فما السبب في أن الأنبياء يطلبون جعلهم من الصالحين، وقد تمنى إبراهيم ذلك بقوله:{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ} رقم [٨٣] من سورة (الشعراء)، وقد تمنى يوسف عليه السّلام ذلك بقوله:{فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ} أجيب بأن الصالح الكامل هو الذي لا يعصي الله، ولا يفعل معصية، ولا يهم بها، وهذه درجة عالية. انتهى. جمل، نقلا عن الخطيب.
فائدة: بعد أن تبسم سليمان-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-من كلام النملة المتقدم مضت النملة مسرعة إلى قومها، فقالت: هل عندكم من شيء نهديه إلى سليمان نبي الله؟ قالوا: وما قدر ما نهدي له؟ والله ما عندنا إلا نبقة واحدة، قالت: حسنة، ائتوني بها، فأتوها بها، فحملتها بفيها، فانطلقت تجرها، فأمر الله الريح فحملتها، وأقبلت تشق الإنس، والجن، والعلماء على البساط، حتى وقعت بين يديه، ثم وضعت تلك النّبقة من فيها في كفه، وأنشأت تقول:[الطويل]
ألم ترنا نهدي إلى الله ما له... وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله
ولو كان يهدى للجليل بقدره... لقصّر عنه البحر يوما وساحله
ولكنّنا نهدي إلى من نحبّه... فيرضى به عنّا ويشكر فاعله
وما ذاك إلاّ من كريم فعاله... وإلاّ فما في ملكنا ما يشاكله
فقال لها: بارك الله فيكم، فهم بتلك الدعوة أشكر خلق الله، وأكثر خلق الله. انتهى. قرطبي ومثله ما قيل في هذا المعنى:[البسيط]
جاءت سليمان يوم العرض هدهدة... تحمل جرادة كانت في فيها
وتكلّمت بلسان الحال قائلة... إنّ الهدايا على قدر مهديها
لو كان يهدى للإنسان قيمته... لأهديت لك الدّنيا وما فيها
الإعراب:{فَتَبَسَّمَ:} الفاء: حرف استئناف. (تبسم): فعل ماض، وفاعله تقديره:«هو» يعود إلى {سُلَيْمانُ}. {ضاحِكاً:} حال مؤكدة، وقرئ: «(ضحكا)» على أنه مفعول مطلق، والعامل فيه (تبسم)؛ لأنه بمعنى: ضحك. {مِنْ قَوْلِها:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، وجملة:{فَتَبَسَّمَ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها مفرعة على محذوف، التقدير: فسمع قولها المذكور فتبسّم. {وَقالَ:} الواو:
حرف عطف. (قال): فعل ماض، وفاعله يعود إلى {سُلَيْمانُ} أيضا. {رَبِّ:} منادى حذف منه