للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفعل إذا رقدت، فأتى الهدهد، وألقى الكتاب على نحرها، وكان قد دخل عليها من كوة عالية في جدار قصرها، فاستيقظت فلما رأت الكتاب؛ دهشت.

وقيل: حمل الهدهد الكتاب بمنقاره، وطار حتى وقف على رأس المرأة، وحولها القادة، والوزراء، والجنود، فرفرف ساعة، والناس ينظرون إليه، فرفعت بلقيس رأسها، فألقى الكتاب في حجرها، فلما رأت الخاتم ارتعدت، وخضعت؛ لأن ملك سليمان كان في خاتمه، وعرفت أن الذي أرسل إليها الكتاب أعظم ملكا منها، فقرأت الكتاب؛ والهدهد غير بعيد متوار عنها، وجاءت هي؛ حتى قعدت على سرير ملكها، وجمعت الأشراف من قومها. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: كان مع بلقيس مئة قيل، مع كل قيل مئة ألف، والقيل ملك دون الملك الأعظم، وقيل: كان أهل مشورتها ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، كل رجل منهم على عشرة آلاف، فلما جاؤوا، وأخذوا مجالسهم؛ {قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ..}. إلخ.

الإعراب: {اِذْهَبْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره: «أنت». {بِكِتابِي:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {هذا:}

الهاء: حرف تنبيه. (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل جر صفة (كتابي)، وجملة:

{اِذْهَبْ..}. إلخ في محل نصب مقول القول. (ألقه): فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: أنت، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. {إِلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {ثُمَّ:} حرف عطف.

{تَوَلَّ:} فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الألف، والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل: أنت. {عَنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. وقيل: متعلقان بمحذوف حال، وليس بشيء. {فَانْظُرْ:} الفاء: حرف عطف. (انظر): فعل أمر، وفاعله: أنت. {ماذا:} ما:

اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، (ذا): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبره، والجملة الفعلية بعدها صلتها، والعائد محذوف، التقدير: ما الذي يرجعونه.

هذا؛ ويجوز اعتبار: {ماذا} اسما مركبا مبتدأ، والجملة الفعلية خبره، كما يجوز اعتباره مفعولا مقدما، والجملة سواء أكانت اسمية أم فعلية في محل نصب مفعول به ل‍ (انظر) المعلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام، هذا كله إذا كان (انظر) بمعنى تأمل وتفكر. وإن كان الفعل بمعنى انتظر من قوله تعالى: {اُنْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} كانت {ماذا} اسما مركبا بمعنى الذي، و {يَرْجِعُونَ} صلته، والعائد مقدر، كما مر تقديره، وتكون: {ماذا} مفعولا به ل‍ (انظر)؛ أي: انتظر الذي يرجعونه، انتهى. جمل نقلا عن السمين. أقول والأول أقوى. هذا؛ والجمل المتعاطفة كلها من قول سليمان، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>